يختلف الناس على المستوى الفردي في تقييم عام مضى سلبا أو إيجابا، تبعا لانعكاساته على حياتهم الخاصة، وما إذا حققوا لذاتهم مكاسب معينة، أو خسائر محددة، ولكنهم يتأثرون في كل الأحوال بالأجواء العامة المحيطة بمجتمعاتهم أو بلدانهم، ومحيطها الإقليمي، وفضائها العالمي.
بعيدا عن الحوادث والتواريخ والأرقام فقد كان العام (2022) عاما صعبا على العالم كله، وبالتالي صعبا علينا في بلدنا الأردن الذي لم يكن قد تجاوز صعوبات العامين السابقين، وخاصة ما نجم عن جائحة كورونا من خسائر اقتصادية واجتماعية كبيرة حتى وجد نفسه محاطا بتعقيدات وأزمات الجوار، وبآثار الحرب الروسية على أوكرانا التي عبثت بأسعار النفط والغاز والسلع الغذائية والدوائية والنقل، وغيرها من قطاعات أخرى سيظهر أثرها بعد حين!
في ذلك العام الذي مضى لم يطرأ أي تغير يمكن أن يتيح لنا اختراق حاجز الوضع الإقليمي، وكنا قد بنينا قدرا من الأمل على علاقة تشاركية بيننا وبين العراق ومصر، لكن الأزمة السياسية في العراق أخذت وقتا أطول مما هو متوقع حتى عاد ذلك التعاون للنقطة التي توقف عندها، ومهما كان نوع وطبيعة وأثر المشروعات الاستثمارية المنتظرة في هذا الإطار، أو في إطار التعاون مع مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، فإنه من الصعوبة بمكان تحديد مستوى التقدم الذي تم إحرازه على هذا الصعيد من التعاون في نطاق الجوار العربي، ولا ننسى أن جميع الآثار السلبية للوضع السوري ما زالت على حالها، سواء المتعلق منها باللاجئين، أو العلاقات التجارية، أو الحدود المنفلتة التي تضعنا في مواجهة شبه يومية مع مهربي الأسلحة والمخدرات والجماعات الإرهابية، فما هي الآفاق المتاحة أمام اقتصادنا كي يتحسن في واقع من هذا النوع ؟
لا الأردن، ولا أي دولة في العالم النامي بإمكانها إقامة المشروعات الكبرى – التي ينمو بها الاقتصاد المحلي – بمعزل عن الاستثمارات الأجنبية، والمشروعات الإقليمية المشتركة، فكلما كان المحيط هادئا يسوده الأمن والاستقرار كلما كان ذلك التوجه ممكنا، والعكس صحيح كذلك، ومهما أمكن تجاوز هذه الحقيقة تظل النتائج في حدها الأدنى، قابلة للتراجع حسب الظروف والتطورات التي قد تقع ضمن المتوقع وغير المتوقع!
نعم كان عاما صعبا ومعقدا خاصة على المستوى الاقتصادي، والأحوال المعيشية، ومعدلات الفقر والبطالة، ورغما عن ذلك كله لم تقف الدولة عاجزة عن التحرك في اتجاهات عديدة من أجل الحفاظ على قواعد الأمن والاستقرار، وثوابت الاقتصاد الوطني، وعناصر التقدم نحو مئوية ثانية من عمرها، واضعة منظومات سياسية واقتصادية وإدارية حديثة، تعالج بها نقاط الضعف، وتعزز نقاط القوة، من خلال توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار بعد أن أقرت تعديلات دستورية مناسبة، وقانونا للأحزاب، وآخر للانتخاب، ووضعت قواعد تمكين المرأة والشباب، ورسمت ملامح الطريق نحو برلمان يتسع لنواب حزبيين، تمهيدا لمرحلة يمكننا فيها تشكيل حكومات برلمانية.
لسنا في خصام مع الزمن حينما نتحدث عن مصاعب أو مصائب العام المنصرم، ولكن لا بد من التذكير بأن السنوات الصعبة قد تكون بالرغم من إحباطاتها محفزا على القوة والثبات، ومنطلقا لمسيرة منظمة من الإصلاح والتحديث والتغيير، وعلى ذلك قيل «رب ضارة نافعة» !
إننا في هذه اللحظات من العام الجديد (2023) ننظر إلى المستقبل ونحن أكثر إدراكا بالكيفية التي ندير بها مصالح بلدنا العليا، ونحقق فيها طموحاتنا المشروعة في الحياة الفضلى، وأكثر قناعة بأن توظيف قدراتنا الحقيقية بالصورة المثلى سيمنحنا القوة والقدرة على مواصلة مسيرتنا الوطنية، وتلك هي الدروس التي تعلمناها على مدى ثلاث سنوات متتالية من المعاناة لكي نعرف كيف نجعل من العام الجديد عاما للسير في الاتجاه الصحيح!
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي