بالرغم من تعبير البعض عن عدم حماسهم إلا أن انتخابات الثلاثاء مهمة ومفصلية وتاريخية يرقبها الناس بكثير من الأمل والدعاء. الكل يشترك في الدعاء لأن ييسر الله للبلاد خيرة ابنائها وان تسير العملية بسلاسة ويسر دون ارباكات او مشاكل قد يجري افتعالها لخلط الاوراق او خلق اجواء تمكن البعض من التحكم بمخرجاتها.
اليوم سيكون احد الايام الذي سنتذكره جميعا وتتذكره الاجيال ويكتب عنه المؤرخون ليس لكونه يوم اقتراع بل لأن الانتخابات تتم في اجواء مليئة بالخوف ومشبعة بالقلق حيث يتطلع الناس الى الخلاص من الوباء وتبعاته ويودون الاطمئنان على انهم لن يفقدوا المزيد من الأحبة او يصل الفيروس الى من هم في حمايتهم. الجميع يرجون الله الخروج من هذه الكارثة التي تتمدد وسط كثير من العجز والاستسلام المؤسسي هنا وفي كثير من بلدان العالم. الحالة السائدة اليوم عبر عنها الشاعر الجاهلي زهير بن ابي سلمى بقوله «رأيت المنايا خبط عشواء من تصب…. تمته ومن يسلم يعمر فيهرم».
وسط هذه الاجواء هناك الكثير من المشاهد التي تضاعف القلق وتبعث على الغضب وتقلل من الامل في ان تحمل المناسبة فرصا جديدة للتغيير. في عمان وغيرها من الدوائر مترشحون دأبوا على الاستعراض واحترفوا العبث في ارادة الناخبين وشراء الاصوات وشحذ القواعد وتعبئة الناخبين كما تشحذ همم الجيوش في المعارك في مزاج شبه قتالي متناسين ان العملية الانتخابية لا تتطلب كل هذا الجهد فهي خيارات ينبغي ان تكون حرة وسلمية بعيدا عن الاستحواذ والاستمالة والتهديد وشراء الذمم.
نعلم ان الاجهزة الامنية لا ولن تسمح بمثل هذه الممارسات لكن المقلق ان نجد في بلادنا من ما يزال يظن ان بإمكانه ان يحظى بمعاملة خاصة او ان يتسلل من بوابة الكثرة والغوغائية المصطنعة التي لا علاج لها الا بإصرار المؤسسات الامنية والرقابية على الوضوح والحزم والعدل لتنفيذ وسيادة القانون بلا مواربة او محسنات تشجع البعض على التسلل.
التوقعات التي افصحت عنها الهيئة المستقلة تشير الى ان اكثر من 30 % ممن يملكون حق الاقتراع سيقترعون، والرقم يبدو متواضعا اذا ما عرفنا ان التوقع صادر عن الهيئة التي لا عمل لها إلا التهيئة والترتيب والسعي لإنجاح هذه العملية في أدق الاوقات واشدها توترا وضنكا.
في البادية والارياف سيتوجه الناس بأعداد ونسب كبيرة نسبيا لا لقناعاتهم بالانتخابات ونزاهتها وحسن تنظيمها بل لإظهار الولاء والتأييد للأقارب والمحاسيب ولمناكفة البعض والانتقام والتشفي ممن ليسوا على وفاق معهم من العشائر والاشخاص الذين تخلفوا عن القيام بما توقع البعض منهم في مناسبات واحداث لا علاقة لها بالانتخابات ولا البرلمان.
من بين مئات المترشحين الذين استسهلوا العملية هذا العام واغرتهم حالة التباعد وتقلص قائمة التكاليف والمصروفات التي عرفت بها مواسم الانتخابات اعداد لا يعرف الناس عنها شيئا ولا يوجد سجل لأي من بعضهم في العمل العام. بعض المرافقين لنواب سابقين وحواشي وابناء لآخرين قرروا الترشح دون ان يكلفوا انفسهم أن يعرفوا شيئا عن السلطة التشريعية او عمل الدولة وتحديات البلاد.
على انغام الاغنية التي تقول « الهدف مرصود ..والرشاش جاهز» يعمل المئات من المترشحين ويهيئون انفسهم ليوم الثلاثاء… نسأل الله ان تمر الانتخابات على خير وان يخلص الاردن من ازماته ومشكلاته وييسر للمجلس الاشخاص القادرين على الخدمة. ما لم يذهب الناس الى صناديق الاقتراع سيتفرد التجار والسماسرة ومن يروا ان النيابة حصانة وجاه وخدمات بإيصال الاصوات التي دفعوا ثمنها وسنبقى جميعا نلوم ونشتكي ونتذمر من مجلس لم ننتخبه بل عزفنا عن ذلك عندما جاءت الفرصة لنقوم بذلك.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي