أيهما أفضل: إبقاء دائرة الأرصاد الجوية أم إلغاؤها؟ هذا السؤال ليس جديدا، ولا بريئا أيضا، حين كان لدينا وزارة إعلام تم طرح السؤال ذاته، والإجابة أصبحت الآن معروفة، وحين كانت لدينا وزارات تقوم بواجبها، تكرر السؤال، وجاءت الإجابة بتشكيل هيئات ووحدات مستقلة وموازية.اضافة اعلان
أما أنه غير بريء فلأن بيننا “مبدعين” لا يتقنون الا منطق الهدم والإلغاء، فما حدث من تهميش لهذه الدائرة الوطنية المقدرة في ذاكرة الأردنيين، يشير بوضوح إلى أن مصيرها لن يختلف عن مصير إدارات واجهت السؤال” الملغوم” ذاته، فتم إلغاؤها أو استبدالها أو خصخصتها، أو ابقاؤها مجرد هياكل فقط.
أفهم، بالطبع، أن تكون لدينا دوائر رديفة بالقطاع الخاص، تقدم “الخدمة العامة”، وأقدّر الدور الذي يقوم به شباب أردنيون في مجال التنبؤات الجوية، لكن ما لا يمكن فهمه، ناهيك عن قبوله، هو أن تستغني الدولة عن مؤسسة رسمية بنتها منذ أكثر سبعين عاما (تأسس مكتب الأرصاد بمطار القدس العام 1951، ثم أصبح دائرة مستقلة تابعة لوزارة النقل العام 1967)، وأن تتعامل معها بمنطق التهميش والإهمال، وتحمل العاملون فيها مسؤولية غيابها او تقصيرها، أو عدم دقة معلوماتها، فيما الحقيقة أنه تم تغييبها بقصد، كما تم إضعافها بتقليص موازنتها، وحرمانها من الإمكانيات التقنية الحديثة المواكبة للعصر.
بدل أن تذهب الحكومات لتطوير القطاع العام (الحكومة الآن بصدد إنجاز هذا الملف)، وتوفير ما يلزم من أجهزة حديثة وكفاءات بشرية مؤهلة ومدربة، استسهلت الاعتماد على البديل (الخاص)، وأطلقت النار على أقدام المؤسسات التابعة لها.
يعترف رئيس الحكومة أن فكرة إنشاء المؤسسات المستقلة كانت خطأ كبيرا، وأن البيروقراطية تكرست فيها أكثر، وبالتالي أصبحت عائقا أمام أي تطوير أو إصلاح للقطاع العام، ناهيك عن الموازنات الكبيرة التي خصصت لها واستنزفت الموازنة العامة، كما أن التعيينات التي تمت بها، برواتب عالية، استفزت الأردنيين.
ما حدث لدائرة الأرصاد الجوية (لا مجال هنا لاستعراض تاريخها وإنجازاتها) ولمؤسسات وطنية أخرى مهمة جرى تكسيرها أو إلغاؤها ، لتفريخ مؤسسات وهيئات أخري أصبحت عبئا على الدولة، حدث مثله تماما في مجالنا السياسي، حيث تم تكسير الأحزاب ومحاصرتها، وفي مجالنا الاجتماعي حين تم استبدال وسائطنا الاجتماعية المحترمة بآخرين سقطوا بالبراشوت، وفي مجالات التعليم الحكومي والطبابة العامة والجامعات الرسمية وغيرها، تؤكد ذلك مؤشراتنا التي تراجعت في هذه المجالات ، وما يعانيه المواطنون من تواضع الخدمات العامة التي تقدمها.
يبدو أن عملية انتقال الدولة من الرعوية للإنتاجية، ثم ما جرى من خصخصة، تمت بعقلية غير مدركة لطبيعة الدولة الأردنية والقيم التي تأسست عليها، فليس من المعقول أن تتخلى الدولة (أي دولة) عن أذرعتها الإعلامية أو الوزارة التي تشكل مطبخها الإعلامي، أو عن مؤسسات تعليمية وصحية، وعن أخرى سيادية جرى بيعها أو تأجيرها.
صحيح القطاع الخاص والاستثمار مهم، ويمكن أن يساهم بتقديم خدمات أفضل، لكن ماذا عن واجب الدولة تجاه مواطنيها، وعن تكاليف الخدمة الباهظة التي يدفعونها حين يضطرون للقطاع الخاص، وما مصير الوسائط السياسية والاجتماعية المهمة التي جرى تهميشها، وهي التي كانت فيما مضى تشكل قنوات ومجسات لتأمين وترسيخ علاقة إيجابية بين الدولة والمجتمع؟
لا توجد لدي إجابات على هذه الأسئلة وغيرها، ما أعرفه أن اتساع فجوة الثقة بين المجتمع ومؤسسات الدولة، وحالة اليأس التي استغرق فيها ثلثا الأردنيين، وصرخات التذمر والشكوى والإحساس بالخيبة من الأداء العام، وارتباك المسؤولين وضعف أدائهم، وما كشفته الأزمات التي مرت بنا ( آخرها أزمة الثلجة وانقطاع الكهرباء)، كل ذلك يصلح أن يكون إجابات على ما فعلته الحكومات المتعاقبة بالمؤسسات الوطنية، وآخرها، وليس وحدها، الأرصاد الجوية، حين تعمدت التدخل بعملها، وإضعافها وتهميشها، ثم الاجهاز عليها بشتى الطرق، وتركها تقلع أشواكها بيديها. يا خسارة.
أما أنه غير بريء فلأن بيننا “مبدعين” لا يتقنون الا منطق الهدم والإلغاء، فما حدث من تهميش لهذه الدائرة الوطنية المقدرة في ذاكرة الأردنيين، يشير بوضوح إلى أن مصيرها لن يختلف عن مصير إدارات واجهت السؤال” الملغوم” ذاته، فتم إلغاؤها أو استبدالها أو خصخصتها، أو ابقاؤها مجرد هياكل فقط.
أفهم، بالطبع، أن تكون لدينا دوائر رديفة بالقطاع الخاص، تقدم “الخدمة العامة”، وأقدّر الدور الذي يقوم به شباب أردنيون في مجال التنبؤات الجوية، لكن ما لا يمكن فهمه، ناهيك عن قبوله، هو أن تستغني الدولة عن مؤسسة رسمية بنتها منذ أكثر سبعين عاما (تأسس مكتب الأرصاد بمطار القدس العام 1951، ثم أصبح دائرة مستقلة تابعة لوزارة النقل العام 1967)، وأن تتعامل معها بمنطق التهميش والإهمال، وتحمل العاملون فيها مسؤولية غيابها او تقصيرها، أو عدم دقة معلوماتها، فيما الحقيقة أنه تم تغييبها بقصد، كما تم إضعافها بتقليص موازنتها، وحرمانها من الإمكانيات التقنية الحديثة المواكبة للعصر.
بدل أن تذهب الحكومات لتطوير القطاع العام (الحكومة الآن بصدد إنجاز هذا الملف)، وتوفير ما يلزم من أجهزة حديثة وكفاءات بشرية مؤهلة ومدربة، استسهلت الاعتماد على البديل (الخاص)، وأطلقت النار على أقدام المؤسسات التابعة لها.
يعترف رئيس الحكومة أن فكرة إنشاء المؤسسات المستقلة كانت خطأ كبيرا، وأن البيروقراطية تكرست فيها أكثر، وبالتالي أصبحت عائقا أمام أي تطوير أو إصلاح للقطاع العام، ناهيك عن الموازنات الكبيرة التي خصصت لها واستنزفت الموازنة العامة، كما أن التعيينات التي تمت بها، برواتب عالية، استفزت الأردنيين.
ما حدث لدائرة الأرصاد الجوية (لا مجال هنا لاستعراض تاريخها وإنجازاتها) ولمؤسسات وطنية أخرى مهمة جرى تكسيرها أو إلغاؤها ، لتفريخ مؤسسات وهيئات أخري أصبحت عبئا على الدولة، حدث مثله تماما في مجالنا السياسي، حيث تم تكسير الأحزاب ومحاصرتها، وفي مجالنا الاجتماعي حين تم استبدال وسائطنا الاجتماعية المحترمة بآخرين سقطوا بالبراشوت، وفي مجالات التعليم الحكومي والطبابة العامة والجامعات الرسمية وغيرها، تؤكد ذلك مؤشراتنا التي تراجعت في هذه المجالات ، وما يعانيه المواطنون من تواضع الخدمات العامة التي تقدمها.
يبدو أن عملية انتقال الدولة من الرعوية للإنتاجية، ثم ما جرى من خصخصة، تمت بعقلية غير مدركة لطبيعة الدولة الأردنية والقيم التي تأسست عليها، فليس من المعقول أن تتخلى الدولة (أي دولة) عن أذرعتها الإعلامية أو الوزارة التي تشكل مطبخها الإعلامي، أو عن مؤسسات تعليمية وصحية، وعن أخرى سيادية جرى بيعها أو تأجيرها.
صحيح القطاع الخاص والاستثمار مهم، ويمكن أن يساهم بتقديم خدمات أفضل، لكن ماذا عن واجب الدولة تجاه مواطنيها، وعن تكاليف الخدمة الباهظة التي يدفعونها حين يضطرون للقطاع الخاص، وما مصير الوسائط السياسية والاجتماعية المهمة التي جرى تهميشها، وهي التي كانت فيما مضى تشكل قنوات ومجسات لتأمين وترسيخ علاقة إيجابية بين الدولة والمجتمع؟
لا توجد لدي إجابات على هذه الأسئلة وغيرها، ما أعرفه أن اتساع فجوة الثقة بين المجتمع ومؤسسات الدولة، وحالة اليأس التي استغرق فيها ثلثا الأردنيين، وصرخات التذمر والشكوى والإحساس بالخيبة من الأداء العام، وارتباك المسؤولين وضعف أدائهم، وما كشفته الأزمات التي مرت بنا ( آخرها أزمة الثلجة وانقطاع الكهرباء)، كل ذلك يصلح أن يكون إجابات على ما فعلته الحكومات المتعاقبة بالمؤسسات الوطنية، وآخرها، وليس وحدها، الأرصاد الجوية، حين تعمدت التدخل بعملها، وإضعافها وتهميشها، ثم الاجهاز عليها بشتى الطرق، وتركها تقلع أشواكها بيديها. يا خسارة.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي