يخوض الأردنيون “معاركهم” في مواقع التواصل الاجتماعي، فمع كل صباح يبحثون عن قضية تشغلهم، ويتبادلون حولها الرسائل والتعليقات، بلدنا “ولادة” للأزمات والمشكلات، ونحن تعودنا أن نتعامل معها “بالمياومة”، أكبر قضية تحتاج ثلاثة أيام لا أكثر، ثم نطوي صفحتها، لنبدأ “غزوة” جديدة من النقاش والصراخ، ضد أعداء متوهمين، وقضايا تنزل بالباراشوت، نحشد لها ما نملكه من عدة وعتاد، ثم نتصارع حولها على منصات الواقع الافتراضي، وغالبا ما نخرج خاسرين.اضافة اعلان
لدى الأردنيين قناعة أن جزءا كبيرا مما يتعلق بحياتهم أصبح افتراضيا، أو نوعا من “الفانتازيا” المحملة بالشكوك والوقائع غير المألوفة، لكنهم مصرون أو مكرهون على ممارسة أعمالهم بهذه الطريقة، ربما يكون ذلك هروبا من الواقع الحقيقي، أو تعبيرا عما تبقى من حيوية داخلهم، بما فيها من محاولات للرفض والتغيير، أو للبحث عن طاقة بديلة تدفع المسؤولين للإنصات إليهم، واستدراك احتجاجاتهم الافتراضية بحلول عملية.
قلت: حلول عملية؟ يحدث العكس تماما، فالحكومات تكيفت مع الواقع الافتراضي، معظم الاستراتيجيات والمشروعات التي سمعناها من الحكومات اكتشفنا أنها افتراضية، مئات اللجان التي شكلت كانت افتراضية أيضا، ما يخشاه الأردنيون أن يكون التحديث السياسي، ومكافحة الفساد، ومواجهة العطش “الوطني”، والغلاء وتوريد “اللحمة” من جورجيا، مجرد أقمار تدور في فلك الفضاء الافتراضي، لتسليف الأمل للمجتمع الذي أتعبه اليأس.
لا بأس ، حتى لو كان ذلك صحيحا، الأردنيون جاهزون لمواصلة احتجاجهم على مواقع التواصل، بكافة منصاتها، ضد مقررات الحكومة وتجاوزات الإدارات العامة، وضد بعضهم إذا اقتضي الأمر، لقد اكتشفوا الطريق البديل والسهل، واكتسبوا ما يلزم من المهارات و” الحيل” للإفلات من تشريعات الرقابة، أو لتوزيع منشوراتهم “السرية”، وما يصلهم من أخبار وإشاعات، دون أن يحاسبهم أحد.
أحيانا تشعر الحكومات بالقلق من زخم ” الترندات” والتعليقات في وسائل التواصل، أو تتوجس ممن تظن أنهم “مؤثرون” عليها، وتعتقد أن الرأي العام أو المزاج العام لم يعد مأمونا، عندئذ تعيد حساباتها، أو تتراجع عن قراراتها، حصل ذلك مرارا، لكن ربما تكتشف لاحقا أنها تسرعت بالاستجابة، سمعت مرارا من مسؤولين أن ما يقال في العالم الافتراضي مجرد سحابة غضب عابرة، لا تمطر إلا الغبار الذي سرعان ما يتبدد وينقشع، هكذا تفكر الحكومات أحيانا.
الأردنيون في الفضاء الافتراضي لا يشبهون أنفسهم في الواقع الحقيقي، الفضاء يمنحهم مجالا أوسع للتحليق في عالم الأحلام والأمنيات، والنقد والانتقاد، وتوزيع المحبة والكراهية، وممارسة أعمال البطولة والمعارضة غير المكلفة، ويزودهم بطاقات مدهشة من الجرأة والشجاعة، وربما التهور، والانفلات من الموروثات التي تكبلهم.
في الواقع فتبدو الصورة مختلفة، الأردنيون أكثر عقلانية وحكمة ورضى بأقدارهم، وأكثر قبولا لواقعهم، وأقل شراسة عند نقد المسؤولين وذم الفساد ومحاربة المحسوبية، لأنهم يعرفون أنهم شركاء، ولو بنصيب قليل، بكل ما حدث، حتى وإن تبرؤوا منه بالعلن.
بلدنا، بالمناسبة، ليست فضاء افتراضيا، حتى لو توهم البعض ذلك، وتعاملوا معه على هذا الأساس، الأردنيون الذين لجأوا لهذا الفضاء يدركون ذلك، لكنهم يدركون أيضا أن واقعهم ضاق بهم، وأنهم ضاقوا به أيضا، ومع ذلك لا يعدمون الفرصة لرؤية الوجه الآخر، سواء لماضيهم والكرامة التي صنعوها ذات يوم، أو لحاضرهم وما سجلوه فيه من إنجازات، هم يريدون، فقط، أن يذكروا من يسمع ضجيجهم في العالم الافتراضي أنهم ما يزالون أحياء، ويطمئنوه أن مستقبلهم لن يكون افتراضيا.
لدى الأردنيين قناعة أن جزءا كبيرا مما يتعلق بحياتهم أصبح افتراضيا، أو نوعا من “الفانتازيا” المحملة بالشكوك والوقائع غير المألوفة، لكنهم مصرون أو مكرهون على ممارسة أعمالهم بهذه الطريقة، ربما يكون ذلك هروبا من الواقع الحقيقي، أو تعبيرا عما تبقى من حيوية داخلهم، بما فيها من محاولات للرفض والتغيير، أو للبحث عن طاقة بديلة تدفع المسؤولين للإنصات إليهم، واستدراك احتجاجاتهم الافتراضية بحلول عملية.
قلت: حلول عملية؟ يحدث العكس تماما، فالحكومات تكيفت مع الواقع الافتراضي، معظم الاستراتيجيات والمشروعات التي سمعناها من الحكومات اكتشفنا أنها افتراضية، مئات اللجان التي شكلت كانت افتراضية أيضا، ما يخشاه الأردنيون أن يكون التحديث السياسي، ومكافحة الفساد، ومواجهة العطش “الوطني”، والغلاء وتوريد “اللحمة” من جورجيا، مجرد أقمار تدور في فلك الفضاء الافتراضي، لتسليف الأمل للمجتمع الذي أتعبه اليأس.
لا بأس ، حتى لو كان ذلك صحيحا، الأردنيون جاهزون لمواصلة احتجاجهم على مواقع التواصل، بكافة منصاتها، ضد مقررات الحكومة وتجاوزات الإدارات العامة، وضد بعضهم إذا اقتضي الأمر، لقد اكتشفوا الطريق البديل والسهل، واكتسبوا ما يلزم من المهارات و” الحيل” للإفلات من تشريعات الرقابة، أو لتوزيع منشوراتهم “السرية”، وما يصلهم من أخبار وإشاعات، دون أن يحاسبهم أحد.
أحيانا تشعر الحكومات بالقلق من زخم ” الترندات” والتعليقات في وسائل التواصل، أو تتوجس ممن تظن أنهم “مؤثرون” عليها، وتعتقد أن الرأي العام أو المزاج العام لم يعد مأمونا، عندئذ تعيد حساباتها، أو تتراجع عن قراراتها، حصل ذلك مرارا، لكن ربما تكتشف لاحقا أنها تسرعت بالاستجابة، سمعت مرارا من مسؤولين أن ما يقال في العالم الافتراضي مجرد سحابة غضب عابرة، لا تمطر إلا الغبار الذي سرعان ما يتبدد وينقشع، هكذا تفكر الحكومات أحيانا.
الأردنيون في الفضاء الافتراضي لا يشبهون أنفسهم في الواقع الحقيقي، الفضاء يمنحهم مجالا أوسع للتحليق في عالم الأحلام والأمنيات، والنقد والانتقاد، وتوزيع المحبة والكراهية، وممارسة أعمال البطولة والمعارضة غير المكلفة، ويزودهم بطاقات مدهشة من الجرأة والشجاعة، وربما التهور، والانفلات من الموروثات التي تكبلهم.
في الواقع فتبدو الصورة مختلفة، الأردنيون أكثر عقلانية وحكمة ورضى بأقدارهم، وأكثر قبولا لواقعهم، وأقل شراسة عند نقد المسؤولين وذم الفساد ومحاربة المحسوبية، لأنهم يعرفون أنهم شركاء، ولو بنصيب قليل، بكل ما حدث، حتى وإن تبرؤوا منه بالعلن.
بلدنا، بالمناسبة، ليست فضاء افتراضيا، حتى لو توهم البعض ذلك، وتعاملوا معه على هذا الأساس، الأردنيون الذين لجأوا لهذا الفضاء يدركون ذلك، لكنهم يدركون أيضا أن واقعهم ضاق بهم، وأنهم ضاقوا به أيضا، ومع ذلك لا يعدمون الفرصة لرؤية الوجه الآخر، سواء لماضيهم والكرامة التي صنعوها ذات يوم، أو لحاضرهم وما سجلوه فيه من إنجازات، هم يريدون، فقط، أن يذكروا من يسمع ضجيجهم في العالم الافتراضي أنهم ما يزالون أحياء، ويطمئنوه أن مستقبلهم لن يكون افتراضيا.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي