كنت لأستغرب وحتى أشكك في نتائج أي استطلاع للرأي يتوصل إلى أن «نصيب» ثقة الأحزاب عند الأردنيين أكثر من 1 %، فرغم أن أول قانون أحزاب أردني صدر عام 1956، فقد حُظرت الأحزاب في الأردن حوالي ثلاثة عقود ونصف (1957-1992)، رزحت فيها البلاد تحت الأحكام العُرفية حيث توقفت الحياة البرلمانية وحُظر النشاط الحزبي، ولوحقت الأحزاب التي كانت تعمل بالسر، وتم تجفيف منابع الحزبيين في القطاع العام وفي الجامعات والمدارس، الأهم أن جيلا نشأ وتربى بفهم وثقافة أن الأحزاب عدوة الدولة، وأن الحزبيين هم الآخر الذي يأخذك إلى مواطن الهلاك، واستطاعت الدولة التأسيس لثقافة أن البعد عن الأحزاب متطلب «للانتماء الوطني» وللعمل والدراسة والوظيفة العامة.اضافة اعلان
على إثر الأزمة الاقتصادية عام 1989 بدأت الدولة تُهيّئ لعودة الحياة السياسية والبرلمانية، وجاءت لجنة الميثاق ووضعت وثيقة وطنية وسردا سياسيا تقدميا، ومنذ تولي جلالة الملك عبد الله الثاني مقاليد الحكم، طرح عبر كتب التكليف للحكومات والأوراق النقاشية - إضافة لعدة مبادرات سياسية منها الأجندة الوطنية، ومبادرة كلنا الأردن، واللجنة الملكية لصياغة الميثاق الوطني - توجها واضحا لتفعيل الحياة السياسية ونصوص الدستور وإحياء الحياة الحزبية في أحزاب رئيسة تمثل أطياف اليمين واليسار والوسط، تمهيدا للوصول إلى حياة حزبية برلمانية.
لكنّ كل هذه المبادرات لم تؤتِ على الأرض أُكُلَها، ولا مجال هنا للدخول في أسباب ذلك، ولكن بعد ذلك جاءت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية بلجنة موسعة تمثل الأطياف الفكرية والسياسية كافة وذهبت في ورشة عمل وطنية لوضع برنامج عمل للتحديث والإصلاح السياسي.
ما هو المختلف في هذه اللجنة؟
المختلف أن نتائجها وُضعت في أهم قانونين سياسيّين هما قانون الأحزاب وقانون الانتخاب، حيث وَضع هذان القانونان بمجملها خريطة طريق للوصول إلى حياة برلمانية، حيث إن نسبة مقاعد الأحزاب تصل إلى 65 %، وأن مشاركة المرأة في هذه الأحزاب لا تقل عن 20 %، ومشاركة الشباب لا تقل عن 20 % أيضا، مع وجود قائمة على مستوى الوطن تضمن نوعا من التواصل السياسي بين جميع أجزاء الوطن، هذا الإطار القانوني لمستقبل الحياة السياسة تم تحصينه برفع النسبة المطلوبة لإجراء أي تعديل على هذين القانونين من قبل المجلسين (الأعيان والنواب) لتكون ثلثي أصوات الأعضاء. هذا هو المختلف!
الحقيقة الجلية أن كل هذه التعديلات لن تغير تاريخ وثقافة العمل الحزبي في الأردن في يوم وليلة، بمعنى أن مجرد وضع خطة لمستقبل العمل الحزبي لا تعني انتقال اهتمام الأردنيين من الخوف وازدراء العمل الحزبي إلى مشاركة عارمة فيها.
1 % نقطة بداية مفهومة، لكنها ليست قدرا ومصيرا، وهذه النسبة لا تعكس اهتمام الأردنيّ بالأحزاب التي استهوت الأردنيين منذ التأسيس في العشرينيات، الأردنيّ سياسي بطبعه، ولكنّ عكس ثقافة ثلاثة عقود من محاربة الأحزاب يحتاج أحزابا بأفكار وبرامج وأعمال تخاطب الواقع، وبفكر حداثي شبابي في غاياته وأدواته تتجاوز أفكار وإستراتيجيات العمل الحزبي التقليدي، ويحتاج التزاما مطلقا من الدولة وأجهزتها بالإخلاص لحرية العمل الحزبي، لا بل والتشجيع عليه، فلا مجال للنكوص فقد وقف الجميع على رغبة وفكر وإرادة جلالة الملك الذي دعم بشكل مطلق مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، ولا مجال للرجوع عن ذلك لأن ثقة الناس ستنهار - وربما للأبد- إذا تكرّست ازدواجية بين الخطاب والتطبيق، ببساطة هذه المرة غير مقبول الفشل جنابك.
على إثر الأزمة الاقتصادية عام 1989 بدأت الدولة تُهيّئ لعودة الحياة السياسية والبرلمانية، وجاءت لجنة الميثاق ووضعت وثيقة وطنية وسردا سياسيا تقدميا، ومنذ تولي جلالة الملك عبد الله الثاني مقاليد الحكم، طرح عبر كتب التكليف للحكومات والأوراق النقاشية - إضافة لعدة مبادرات سياسية منها الأجندة الوطنية، ومبادرة كلنا الأردن، واللجنة الملكية لصياغة الميثاق الوطني - توجها واضحا لتفعيل الحياة السياسية ونصوص الدستور وإحياء الحياة الحزبية في أحزاب رئيسة تمثل أطياف اليمين واليسار والوسط، تمهيدا للوصول إلى حياة حزبية برلمانية.
لكنّ كل هذه المبادرات لم تؤتِ على الأرض أُكُلَها، ولا مجال هنا للدخول في أسباب ذلك، ولكن بعد ذلك جاءت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية بلجنة موسعة تمثل الأطياف الفكرية والسياسية كافة وذهبت في ورشة عمل وطنية لوضع برنامج عمل للتحديث والإصلاح السياسي.
ما هو المختلف في هذه اللجنة؟
المختلف أن نتائجها وُضعت في أهم قانونين سياسيّين هما قانون الأحزاب وقانون الانتخاب، حيث وَضع هذان القانونان بمجملها خريطة طريق للوصول إلى حياة برلمانية، حيث إن نسبة مقاعد الأحزاب تصل إلى 65 %، وأن مشاركة المرأة في هذه الأحزاب لا تقل عن 20 %، ومشاركة الشباب لا تقل عن 20 % أيضا، مع وجود قائمة على مستوى الوطن تضمن نوعا من التواصل السياسي بين جميع أجزاء الوطن، هذا الإطار القانوني لمستقبل الحياة السياسة تم تحصينه برفع النسبة المطلوبة لإجراء أي تعديل على هذين القانونين من قبل المجلسين (الأعيان والنواب) لتكون ثلثي أصوات الأعضاء. هذا هو المختلف!
الحقيقة الجلية أن كل هذه التعديلات لن تغير تاريخ وثقافة العمل الحزبي في الأردن في يوم وليلة، بمعنى أن مجرد وضع خطة لمستقبل العمل الحزبي لا تعني انتقال اهتمام الأردنيين من الخوف وازدراء العمل الحزبي إلى مشاركة عارمة فيها.
1 % نقطة بداية مفهومة، لكنها ليست قدرا ومصيرا، وهذه النسبة لا تعكس اهتمام الأردنيّ بالأحزاب التي استهوت الأردنيين منذ التأسيس في العشرينيات، الأردنيّ سياسي بطبعه، ولكنّ عكس ثقافة ثلاثة عقود من محاربة الأحزاب يحتاج أحزابا بأفكار وبرامج وأعمال تخاطب الواقع، وبفكر حداثي شبابي في غاياته وأدواته تتجاوز أفكار وإستراتيجيات العمل الحزبي التقليدي، ويحتاج التزاما مطلقا من الدولة وأجهزتها بالإخلاص لحرية العمل الحزبي، لا بل والتشجيع عليه، فلا مجال للنكوص فقد وقف الجميع على رغبة وفكر وإرادة جلالة الملك الذي دعم بشكل مطلق مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، ولا مجال للرجوع عن ذلك لأن ثقة الناس ستنهار - وربما للأبد- إذا تكرّست ازدواجية بين الخطاب والتطبيق، ببساطة هذه المرة غير مقبول الفشل جنابك.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي