الأحد، 21-07-2019
04:17 م
لم أفھم تماما ما قصدتھ اللجنة التحضیریة لمھرجان جرش من استخدام ”اشتقنالك“ كشعار للمھرجان في دورة ھذا العام. أھو اشتیاق للمھرجان أم لمطرب بعینھ أم للفرح.. أم ماذا؟ وما أزال أتأمل الشعار.
في كل مرة أدخل فیھا حرم المدینة العتیقة أستذكر إطلالة النجوم وھم یتوافدون بفرح وحب إلى ساحات ومدرجات جرش ویلتقون بآلاف الناس ممن حضروا من مدن وبلدات الأردن لحضور الافتتاح والتجوال في اركان المدینة التي ظلت منارة فرح ومیدانا للتلاقي تزھو بأعمدتھا وتشھد على تاریخ حافل من الفكر والعمل والعطاء.
في خلفیة الصورة الذھنیة لمھرجان جرش یبدو الدكتور عدنان بدران ومازن العرموطي وبقیة كوادر جامعة الیرموك الى جانب السیدة لیلى شرف والمرحومة انعام المفتي ونجوم ونیاشین ضباط الحرس الملكي ورجال الشرطة وھم یضعون اللمسات الاخیرة على الموقع قبل تشریف راعي الحفل.
منذ اكثر من ثلاثین عاما وقف على خشبات مسارح جرش المئات من الفنانین العرب والعالمیین وأدت أشھر الفرق وصعد العشرات من المتطلعین للاضواء والنجومیة. من على خشبات مسارحھا اطلت فیروز وغنت سلوى قطریب وانغام، وسلطن محمد عبده وطلال مداح، وصدح جورج وسوف وتألقت نجاة الصغیرة وكاظم الساھر وھاني شاكر، وعلى مسارح المدینة ولدت نجومیة العشرات فشاركت نجوى كرم ومحمد منیر وأصالة نصري ونبیل شعیل وماجدة الرومي
وراغب علامة ولطفي بشناق. وكل مكان فیھا ما تزال اصداء الالحان ووقع اقدام وخیال ملحم بركات وصباح فخري وھما یشعلان المسرح برقصاتھما ودورانھما كما تسكن بحة سعدون جابر وانفاس سمیرة سعید وغیرھم.
على اعمدة المدینة بقایا من الصور الشعریة التي رسمھا محمود درویش وانشدھا سعید عقل وصنعھا جوزیف حرب. في المدینة شيء مما حرض علیھ ادونیس وتغنى بھ حیدر محمود واعاد احیاءه حبیب الزیودي. في زوایا المدینة مفردات قصائد الابنودي ونحتھ احمد فؤاد نجم.
العشرات من نجوم الفن الأردني والعربي انطلقوا في رحلاتھم بعد ان مروا على مسارح المدینة لیعودوا لھا بالكثیر من الشغف والحنین. في ھذا العام وكما في السنوات السابقة یقف عمر العبداللات ودیانا كرزون ویحیى الصویص وزین عوض وكارولین ماضي على مسارح جرش یبثون روح الخطاب الأردني المنحاز للحیاة، ینتشر عشرات الفنانین الأردنیین على مساحة الوطن لبث الفرح والحب والتفاؤل على مسارح المفرق والزرقاء وسائر بلداتنا.
الخبرات التي اكتسبتھا الكوادر والقیادات الثقافیة التي توالت على ادارة المھرجان شكلت مخزونا معرفیا یمكن الركون الیھ في احداث نھضة فنیة ثقافیة تسھم في الحد من منسوب التوتر وتقلل من نزعة العنف وتساعد على تقبل الآخر وتعبر عن انحیازنا للحیاة. تحیة للعشرات من الرجال والنساء الذین صنعوا ثقافة الفرح واوجدوا الاطر التنسیقیة الفاعلة للعمل. شكرا للدكتور مازن العرموطي مھندس أول إطلالة لجرش، ولأكرم مصاروة الذي ادار المھرجان لسنوات، وجریس سماوي ومحمد ابوسماقة، وللمدیر الحالي ایمن سماوي الذي اضاف بعدا محلیا مھما لمسیرة المھرجان، والتقدیر لشعرائنا وفنانینا الذین آمنوا برسالة الفن وحرصوا على الاستمرار رغم كل التحدیات.
مھرجان جرش الذي انطلقت فعالیاتھ الخمیس الماضي یرفع شعار ”اشتقنالك“. للوھلة الاولى تظن ان المھرجان قد توقف لسنوات ثم عاد قبل ان تتذكر انھ كان منعقدا في العام الماضي وكل السنوات التي سبقت فھو حدث ثقافي فني مستمر أخذ مكانھ على خریطة الفن والثقافة العالمیة.
الاشتیاق الذي قصده المنظمون لا یرتبط بغیاب المھرجان بمقدار ما یعبر عن رغبتھم في وضعھ بصیغة افضل یتطلع لھا الجمیع. لو كنت مكان الاصدقاء لابتعدت قلیلا عن حكایة الاشتیاق وبحثت عن شعار آخر ینقل صورة الارتباط بین الثقافة والسیاحة والتنمیة وإسھامات الفنان الأردني والمجتمع المحلي التي حرص علیھا المنظمون.