ليدفن من شاء رأسه في الرمال لكن ادارة الحكم بالأساليب القديمة لم تعد ممكنة والأزمة الأخيرة شاهد على ذلك. الاجماع على العرش قاطع لكنه الاجماع على الاصلاح أيضا. ليدفن من شاء رأسه في الرمال لكن الرواية الرسمية تبدو كل مرّة ومع كل أزمة هي الأضعف.. لماذا؟!
الرواية الأخرى عبر وسائل التواصل الاجتماعي تفوقت بالمتابعة والاهتمام على الاعلام الرسمي. وقد رأينا كيف سرت كالنار في الهشيم التسريبات لمقاطع فيديو أو صوت عبر وسائل التواصل وكيف اشتعلت المنصات بالأخبار والتخمينات. الاتصال والتواصل لم يعد يخضع للسيطرة ولم يعد ممكنا اخضاع الرأي العام لأي سلطة بل يمكن فقط الدخول في معركة مفتوحه لكسبه. وقد رأينا النعليقات الساخرة بلا ادنى تحفظ على ما قيل انه تشويش على بث الانترنت. اذا لم تكن دروس الأزمة الأخيرة تحفز على تفكير جدي ووقفة حاسمة للتغيير فمتى يكون؟! خطاب الاصلاح كان سيتصدر بالضرورة احتفالاتنا بمئوية الدولة لحماية الانجاز والتقدم بثقة للمئوية الثانية، واعتقد أن الأزمة التي داهمتنا في ذروة احتفالاتنا تنبه بصورة حاسمة لضرورة الاصلاح والتغيير حماية للعرش والدولة والدستور. ألفت الانتباه الى تعليقات اهم الكتاب الصحفيين بما في ذلك الأشدّ حماسا ودعما للرواية الرسمية بشأن الأحداث الأخيرة لضرورة الشروع بلا تردد في الاصلاح، وقد اصبحت الأساليب القديمة عبئا على الدولة والعرش. من ادارة القرار وتدوير المناصب والمسؤوليات على المحسوبيات كجوائز ترضية وامتيازات إلى تحجيم المؤسسات الدستورية وأدوات المشاركة الديمقراطية والمحاسبة والمساءلة. واسمحوا لي بإبراز الشهادات التالية :
الكاتب الصحفي والوزير السابق محمد داوودية : الإصلاح الآن، لا ابطاء ولا إرجاء : استعدادا للمئوية الجديدة نحتاج إلى اعادة بناء حياتنا وفق بروتوكول موصوف ومعروف لنا. يشمل الدخول في موجة تقشف عميق. ومقاربة مختلفة لمكافحة الفساد. وتسطيح منحنى الترهل الإداري. وحلحلة الجمود وحل مشكلة نقابة المعلمين. وتوفير المزيد من الحريات. وسن قانون انتخاب ديمقراطي عصري. وتوفير المناخ الطبيعي لصعود النخب. وتوفير مناخ بناء تيارات حزبية مؤثرة في الحياة العامة. الكاتب الصحفي ورئيس مجلس ادارة قناة المملكة فهد الخيطان : الحقيقة الخامسة، أن الأزمة التي يمر فيها الأردن كشفت عن حاجة لا تقبل التأجيل لمراجعة شاملة للسياسات والأدوات وإدارة شؤون البلاد، والتحرك السريع لإطلاق عمليات إصلاح واسعة وعميقة، تعيد للدولة بريقها وللمؤسسات هيبتها، ولرجال الدولة مصداقيتهم.
الكاتب الصحفي والباحث والوزير السابق محمد ابورمّان : للمرة الألف، قوة الدولة لا تكمن في العصا الغليظة، بل في قدرتها على دمج المعارضة والأحزاب في اللعبة السياسية، وتصعيد رجال دولةٍ يمسكون بقيم الرجولة والدولة بمعنى الكلمة، ويقدّمون رأيهم بجرأة، يأتون من أطياف المعادلة السياسية، ويحصّنون الدولة من الخفّة السياسية والسذاجة في قراءة الأحداث.
الكاتب الصحفي ومدير مركز القدس للدراسات عريب الرنتاوي : الأردن، بحاجة لمشروع وطني شامل للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، يستبطن اصلاحاً دستورياً شاملاً، يكفل فتح الأبواب على اتساعها للمشاركة، والعمل بمبدأ المواطنة المتساوية الفاعلة، والدولة المدنية الديمقراطية، والانتخابات القائمة على التعددية السياسية والبرلمان القائم على الأحزاب، والحكومات البرلمانية. هذا غيض من فيض آراء عابرة للخنادق والانحيازات.. فهل وصلت الرسالة ؟!