تتعرض بغداد الى عمليات تفجير، يستشهد بسببها عراقيون أبرياء، وينفذ ذات التنظيم الذي نفذ عملية بغداد وغيرها في العراق، عملية في سيناء، والتنظيم يعلن عن عودة نشاطاته الدموية.
تنظيم الدولة الإسلامية، وبرغم كل العمليات ضده، ومقتل قياديين فيه، الا انه يعلن عن عودته مجددا، وهو لم يغب في الأساس، ربما تعرض الى عمليات اضعاف، في مواقع مختلفة، الا ان عودته مجددا، تبقى واردة، في العراق، وسورية، إضافة الى سيناء، وليبيا، ودول ثانية. الأردن هادئ منذ سنوات طويلة، وبرغم عمليات فردية، لمن يتأثرون بالتنظيم، الا انه بقي غائبا على المستوى العام، لكن عودة الحياة الى التنظيم، قد تؤشر على تنظيم مستجد يلد من رحم التنظيم القديم، او حتى تشجيع الافراد على القيام بعمليات فردية، بما يجعل الأردن ودولا ثانية، على خط النار في المواجهة مع التنظيم، حتى برغم كل التقييمات التي قد تعتبر ان في الامر مبالغة، على أساس ان التنظيم بات ضعيفا، ومفرقاً، ولم يعد موجوداً، ولا مؤثراً.
في تقييمات سابقة، كان الحديث عن اكثر من ثلاثة آلاف مقاتل اردني في هذا التنظيم، يحاربون في سورية تحديدا، وربما تسلل بعضهم الى العراق، او ارتحل الى ليبيا، واذا كانت جاذبية التنظيم قد انخفضت الى حد كبير، الا ان السؤال حول مصير المقاتلين الأردنيين يبقى مثارا، فبعضهم تعرض للقتل في تلك الدول، وبعضهم تخفى ضمن هويات ثانية، حتى يعيش بشكل عادي، وهناك منهم من ترك التنظيم كليا وفر الى دول أخرى، وهناك مجموعات انتقلت بشكل فردي للعيش في تركيا، دون أي نشاط تنظيمي، وهكذا يمكن القول ان وجود الأردنيين في التنظيم، خارج الأردن، لم يعد كما كان، خصوصا، بعد الضربات التي تلقاها التنظيم.
في الأردن يبدو النشاط منعدما، بسبب انقلاب الرأي العام إزاء التنظيم من جهة، وبسبب تشديد الرقابة، وحين يرى الأردنيون هنا، ان التنظيم ينفذ عملية ضد الأبرياء في بغداد بذرائع مختلفة، ويهلل أنصاره لقتل العراقيين الشيعة، يدرك هؤلاء ان ذات المبدأ لدى هؤلاء يتيح لهم قتل جنود من الجيش المصري، تحت ذرائع شبيهة، وهم من المسلمين السنة، أيضا، وهذا يعني ان الاستناد الى فكرة تبيح قتل هؤلاء لاعتبارات مختلفة، لم يعد مقنعا لدى كثيرين.
علينا ان نلاحظ ان التنظيمات، خصوصا، ممن تتبنى منهجا معينا، وحتى لو تعرضت الى ضربات عسكرية، يبقى الخط الواصل بين أبناء المبدأ ذاته، قائما، والرابط يبقى حياً، وهذا يعني ان صحوة التنظيم، او الذين يشعرون بإعجاب نحوه، واردة جدا، حتى في الدول الهادئة امنيا، وهذا يعني انه لن يكون غريبا حدوث عمليات من هذا القبيل سواء على يد افراد، او مجموعات صغيرة العدد، تتأثر بعودة التنظيم الى نشاطاته في العراق، ودول ثانية.
ربما التنظيم الآن، بلا رأس على طريقة البغدادي، لكننا قد نشهد تحولات، بحيث يلد تنظيم جديد في كل بلد، يستمد ذات الأفكار، او تتفشى العمليات الفردية، لان التحليل يقول هنا، ان حدوث عمليات كبرى في دول مثل العراق، او مصر، سيؤدي الى الخروج من السبات في دول ثانية، خصوصا، في هذا التوقيت، كما ان اخبار التنظيم قد تبدو غائبة عن الاعلام، لكن عمليات التنظيم في سورية، مثلا، ما تزال مستمرة، في مناطق محددة، مثل البادية السورية.
عملية بغداد تؤشر على وضع جديد في العراق، وهو وضع قد يمتد الى دول ثانية، بما قد يجعل العام 2021، عاما صعبا على هذا المستوى، خصوصا، اذا استطاع ورثة التنظيم، ترتيب أوراقه وتمويله وخططه، او حتى تفويض مجموعات محلية في كل بلد، من اجل تشكيل تنظيمها الخاص بها، في ظل ظروف إقليمية خطيرة، وانعكاس للصراعات الإقليمية والدولية على المنطقة، وهي صراعات توظف هذه التنظيمات، أيضا من اجل أهدافها وغاياتها، خصوصا، ان شبهة الصناعة والإدارة الخارجية لمثل هذا التنظيم، باتت شبه مؤكدة. هذا يعني في الخلاصة، ان الأردن محاط بدول بات ينشط فيها التنظيم مجددا، وهذا يؤشر من جهة ثانية على ان التقييمات للمشهد، يجب ان تتغير، خصوصا، اذا ثبت اننا امام عودة منظمة، وليس مجرد عمليات فردية، او معزولة، خارج السياق التنظيمي.