لم تساعد جلسة النواب الخاصّة بقضية اعلان النوايا الثلاثي بإجلاء الصورة وإضاءة الموقف والإجابة عن الأسئلة الكثيرة المطروحة. واستمر الموقف غامضا ملتبسا.
ولعل هذا ما دفع رئيس مجلس الأعيان لعقد جلسة خاصة بلجنتي المياه والزراعة في المجلس دعي لها وزيري المياه والزراعة وجميع اعضاء المجلس وخبراء في المجال بينهم عدد من وزراء المياه السابقين ومن بينهم د. منذر حدادادين الذي اثارت تصريحاته جلبة شديدة. والهدف كما قال دولة رئيس المجلس الحاجة الماسة لتوضيح الصورة ومكاشفة الرأي العام بالحقيقة. وقد بدأ الرئيس بتوطئة أن شعار نعطش ولا نطبع هو قول مجاني وليس سياسة ولا يصمد على الارض وعندما تعطش الناس فعلا فلا احد سيسامح الحكومة وأن المصلحة الوطنية العليا تتقدم على اي اعتبار آخر لكن المطلوب الوضوح ومعرفة الحقيقة لنخاطب بها الرأي العام بعد البلبلة الشديدة والتصريحات المتضاربة حول الواقع المائي.
مبادرة الرئيس أتاحت لنا الاستماع مباشرة من اصحاب الشأن لوجهات نظر على اعلى مستوى وراءها خبرات عملية ونظرية كما هو حال الوزراء الذين تعاقبوا على القطاع. والحال أن الآراء لم تكن متماثلة أو متوافقة في تقييم الموقف أو الوجهات الأهم للحلول لكنها بالإجمال كانت تحاول تقديم رأي في حلول وطنية بديلة بعيدا عن المشروع الإماراتي والتعاون مع اسرائيل وبهذه الصدد تم الحديث بعتب عن الأشقاء وخصوصا السوريين الذين يستنزفون كل قطرة من المياه المغذية لنهر اليرموك.
وزير المياه لم يظهر حماسا خاصا لإعلان النوايا وأعتبره مجرد واحدا من ضمن المشاريع العديدة المحتملة في جعبة الوزارة، وهو ليس واردا أصلا في خطة الوزارة واستراتيجيتها الكلية للسنوات المقبلة في مواجهة أزمة المياه بل أنه جاء كعرض طارىء من شركة إماراتيه قبل أشهر وقال بحثناه وكان لنا مطالب وشروط ووقعنا اعلان النوايا فقط بعد الاستجابة لها وخصوصا التحديد المسبق لكمية المياه التي سنحصل عليها. أما د. منذر حدادين فقد تجاهل مقولته التي قلبت الدنيا بأن لدينا مياها جوفية تكفي 500 عام لكنه أوضح المقصود بأن طبقة الصخر الرملي الممتدة آلاف الكيلومترات على طول البادية الأردنية السورية السعودية هذه الطبقة معروف انها مشبعة بالماء لكن على مستويات مختلفة وبكلف مختلفة وبنوعيات مختلفة يجب تقصيها وتقييم جدواها بالبحث وقال صحيح ان ما يتم حفره يعطي مياه ساخنة تصل 70 درجة مئوية لكن هذه ميزة وليست نقيصة اذ يكفي رفعها 30 درجة اخرى للحصول على المياه بالتقطير أي أننا نحصل سلفا على اكثر من ثلثي الطاقة اللازمة لهذه العملية من المياه نفسها. وقال إن موضوعي الطاقة والمياه متلازمان.
لكن هذه الفكرة الخارقة وغيرها مما طرح مثل الحصاد المائي الذي حسب الوزير السابق سعيد المصري قابل للتطبيق على حوالي 3500 موقع تجميع تم تصويرها جوا من ناسا لاقت اعتراضات أكان على الأرقام أم صوابها الفني، وعلق عليها وعلى غيرها وزير الزراعة بالتوضيح والتصويب. هذا فيما نقل المهندس وخبير المياه أحمد الرجوب النقاش الى مساحة مختلفة تعنى بالادارة معتبرا اياها مشكلة اساسية في الاردن تتزامن مع غيرها وقدم ملفا لرؤية كاملة لإدارة القطاع.
الحقيقة ان الجميع كان يتابع بإهتمام شديد ويريد تقصي الآراء المطروحة وسماع الاعتراضات عليها لكن مع الأسف فترتيب الجلسة والوقت المتاح لم يشف الغليل وأجزم اننا نحتاج الى دورة جلسات حول هذا الملف.. ولعل د. دريد محاسنة الذي قدم وجهة نظر متحمسة لمشروع قناة البحرين وشرح المراحل التي مر بها انتهاء بتحجيم المشروع الى تحلية البحر الأحمر مفضلا اياه على تحلية المتوسط هو وحده من اقترب من الرأي السياسي قائلا إنه ليس من الحكمة أبدا وضع حنفية مياهنا بيد طرف مثل اسرائيل.