هذان تحديان كبيران وحقيقيان، ملحان وليسا مؤجلين، خلقا حالة من عدم الاستقرار، لا بد من مواجهتها، واستحضار كامل قوة المجتمع والدولة للإجهاز عليها. كنا نعلم أنها تحديات ستنال من الاستقرار، ولكن لم نكن نعلم متى وكيف.
نواجه ظرفا اقتصاديا صعبا قاسيا، أدخلنا في حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي، الذي قد يمتد، لا قدر الله، لعدم استقرار مجتمعي.
صحيح أن برامج إصلاحنا الاقتصادية على المستوى الكلي تسير بالطريق القويم، ولولا ذلك لانزلقنا لمهاو ردية تعاني منها دول من حولنا مثل العراق ولبنان، وصحيح أن هذا الإصلاح سيجد طريقه لاحقا لينعكس على نهوضنا الاقتصادي الشامل وينعكس على مستوى المعيشة ورفاه المواطن، وصحيح أن عدم السير بهذا البرنامج والالتزام به والسكون للشعبوية جريمة وطنية لا تغتفر، كل ذلك صحيح، ولا بد من الاستمرار والاشتباك مع الرأي العام لشرحه وتفنيده وبكثافة واستمرارية وليس بموسمية، ولكن حال كثير من الناس عندما تحدثهم أنهم، ورغم وعيهم بذلك، فإنهم ما يزالون لا يستطيعون تحمل الأعباء الاقتصادية، ويعانون ولم يعودوا يقدرون، وهذا كلام يجب أن يقدر.
إذا بالتزامن مع شرح الأوضاع الاقتصادية الحقيقية للبلد، وتوضيح أن الخزينة تعاني تماما كما يعاني الناس، لا بد من محاولة إيجاد حلول اقتصادية سريعة تخفف على المواطنين، وهذه يعرفها المختصون بالاقتصاد الجزئي، على ألا تكون هذه الحلول على حساب الإصلاح الاقتصادي أو لكسب شعبويات.
نحتاج خطابا اقتصاديا تنويريا يضع الأمور في نصابها أمام الناس، ويضع الجميع أمام واجباته رسميين وأهليين، نوضح للناس الفرص الاقتصادية الكامنة التي يعزف عنها كثيرون ويأخذها الوافدون، ونقول لهم إن معاناتنا تماما كما يحدث لكل الدول بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، ولكن بالتزامن، لا بد من خلية أزمة اقتصادية للتخفيف عن الناس، ولا بد من اشتباك مع الأشقاء والحلفاء للتعاون في هذه الضائقة، وحسنا فعل بعض حلفائنا وحددوا التهديد الأكبر على استقرار الأردن معاناته الاقتصادية، فهو منيع أمنيا وسياسيا، والتهديد يأتيه من الاقتصاد.
أما التحدي الثاني فيأتي من أولئك الذين يمضون ليلهم ونهارهم وهم يخلقون البيئة المليئة باليأس والإحباط وانعدام الأمل، التي تنتج وتغذي حالة من اللايقين وتدفع بعضا من أبناء جلدتنا لكي يتجاوزوا على القانون.
الحديث هنا ليس عن حق النقد المشروع والمطلوب الذي يمارسه الناس في كل المنابر، بما فيها منابر السوشال ميديا، الحديث عمن يسود ويشكك وعمله فقط بث الإحباط والكذب وخطاب التأجيج والكراهية. هؤلاء لا يمارسون النقد بل التحريض وفارق كبير بين الاثنين.
مطلوب منا مواجهة هؤلاء عن طريق تمكين والانفتاح على الأصوات العاقلة في السوشال ميديا، نحاورها ونمدها بالحقائق لكي تكون معول بناء لا معول هدم في فضائنا الإلكتروني. أما من لا ينفع معهم صوت عقل ولا يريدونه، امتهنوا التسويد لا يحيدون عنه، فلهؤلاء طريقة أخرى للتعامل لا يجب أن نتوانى عنها، فخطابهم الضلالي الكاذب لا بد أن يفند ويوضع في ميزان الحق والحقيقة.
لقد مسنا الضر الاقتصادي ونال من استقرارنا، ولا بد من استنهاض الهمم لننتصر على هذه المعركة.