الطبقة الوسطى في الاردن لم تقصر في الانفاق على السفر والسياحة في الخارج وقد اصبحت جزءا من السلوك والثقافة العامة في السنوات الأخيرة. شركات السياحية لم تقصر في القصف الاعلاني بالعروض المغرية لمختلف الوجهات وبأسعار أصبحت (في حدها الأدنى) بمتناول ذوي الدخل المحدود فساهمت في نشر عدوى الاقبال على هذه السياحة حتى تكاد أي اسرة اردنية تخجل من أنها لم تذهب في الصيف ولو مرة واحدة الى تركيا او شرم الشيخ. أو أي من الوجهات المعروفة حتى لا نقول الخطوط الجديدة الأبعد التي يتم افتتاح المزيد منها كل عام.
لن تظهر هذه العروض في الايام القادمة على الارجح ولن نشهد هذا الصيف موجة النزوح الى الوجهات الحالمة على شواطىء الأسود أو الأحمر أو الأبيض المتوسط. لا يوجد يقين حول المستقبل القريب وفتح الحدود وحركة السفر والطيران ولا بدّ أن جميع الدول تفكر كيف تنقذ موسمها السياحي لهذا الصيف وأي ترتيبات يمكن وضعها لكن الوقت يتأخر وأعتقد أن الجمهور نفسه عندنا لن يكون مؤهلا نفسيا للمغامرة حتى لو تم فتح الباب رسميا للرحلات السياحية للخارج، وعليه قد يكون التعويض بشيء أكثر تواضعا ونعني السياحة الداخلية هو المرجح تماما هذا الصيف.
تلاقت الحكومة ووزارة السياحة مع هذه التوقعات ببرنامج لتشجيع السياحة الداخلية ما زال يتوجب الكشف عن تفاصيله الى جانب المقترحات المبدئية بتقديم النقل البري المجاني وتخفيض ضريبة المبيعات للمطاعم والفنادق وغير ذلك؟ ننتظر تفاصيل أكثر لتقدير الأثر المحتمل. على تشجيع السياحة الداخلية. وعلى سبيل فتخفيض سعر تذاكر الطيران الداخلي (هل يوجد غير عمان - العقبة ؟) هو العامل الأقل اهمية بينما تبقى اسعار الاقامة في فنادق العقبة هي العامل الحاسم الى جانب وجود برامج ترفيهية مناسبة للعائلات.
غير ذلك يمكن للأسر ان تصنع لنفسها برامجها الخاصّة خارج العروض غير الذهاب نصف نهار في نزهة شواء. خذ مثلا التخييم لأكثر من ليلة في الاحراش او المحميات أو النوم ليلتين في الاكواخ الباذخة في محمية عجلون أو ترتيب مسيرات المشي في مسارات طويلة. يمكن التفكير في قضاء يوم كل اسبوع في احد الأماكن الطبيعية المميزة والأمل ان تكون وزارة السياحة والجهات المساندة قد سارعت لتأهيل هذه الأماكن بالمرافق والخدمات المحترمة. ويمكن الاعتماد على الذات وشدّ الرحال الى الجبال والوديان أو الصحراء وتعلم مهارات التخييم وشراء كل لوازمها بكلفة ليلة واحدة في فندق.
شخصيا انا متحمس لصيف سياحة محلية فلدي ثغرات كثيرة اغطيها في مجال «اعرف بلدك « وحتى لا ابقى اخجل كلما جاء صديق اجنبي وأقترحت عليه ان يذهب للمبيت في وادي رم وأنا لم أذهب الى هناك قط ! تنمية ثقافة الاستمتاع بما يتوفر عليه بلدك من أماكن ومرافق للسياحة والترفيه هو جزء من مرحلة التكيف مع حياة ما بعد كرونا فلنخصص بكثير من الايجابية والاقبال هذا الصيف لهذه التجربة.