الإثنين، 16-08-2021
12:52 ص
مثل غيره من أدمغة البشر فإن الدماغ العربي هو العضو الرئيسي في الجهاز العصبي. فهو يجمع المعلومات ويحللها ويسيطر على ويدير معظم أعضاء الجسم، وكذلك هو منبع لإنتاج معلومات جديدة، ولأنه من أهم أعضاء جسم الإنسان وأكثرها أهمية، فينبغي أن نعتني به ونحافظ عليه.
ومثل غيره من أدمغة البشر يكون معدل وزنه كيلو و360 غراما، أي ما يعادل 2 بالمئة من وزن الجسم. ومثل غيره من أدمغة البشر فإن فقدانه للأوكسجين لمدة 4-6 دقائق يعني أنه قد بدأ في الموت، ومثل غيره فإن هذه الكتلة الدهنية تحتاج الى 20 بالمئة من نسبة الأوكسجين التي يستهلكها الجسم يوميا.
أما الإختلاف والفارق الوحيد بين الدماغ العربي والدماغ الآخر، هو أن العربي (يفرد) مساحة هائلة من حجم وطاقة دماغة لتشتغل حالما تعرض لهزيمة أو الى نقد، وهنا تشتغل آليات التبرير وتدخل للمعركة بكامل قواتها البرية والبحرية والجوية، لتثبت أن العربي المقصود لم يخطئ أبدا إنما الخطأ يقع على (.........) وهناك قائمة لا متناهية التي يقع عليها الخطأ.
العربي يتحول فور تعرضه للنقد الى محامي درجة أولى ليدافع ويرافع عن أخطائه وخطاياه وأخطاء من يحبهم، وهذه موهبة عربية صرف تمكنت من الولوج - على ما يبدو - داخل شيفرتنا الوراثية، وصارت جزءا من نسيجنا (لا بل نشيجنا) الإجتماعي، وقد أصبنا – عن سابق تصميم وترصد - جميع الشعوب التي تعيش معنا بهذه العدوى.
اعتقد أن آلية التبرير هذه مسؤولة بشكل رئيس عن تخلفنا وجمودنا، لأننا نعجر عن تجاوز الأخطاء، لأننا (مرّة ثانية) لا نعترف بوجودها اصلا. فكيف نعالج أخطاء لا نعترف بها؟؟.
وهذا ما يفرح الأعداء، لأنهم غير مضطرين إلى هزيمتنا أكثر من مرة أو مرتين على الأكثر، ثم (يعتمدون) علينا وعلى كفاءتنا الهائلة في التبرير لتحويل هزيمة المعركة الى هزيمة حرب، وهزيمة الحرب الى هزيمة تاريخانية، نخرج فيها من دفتر التاريخ الى هامش الهامش.
المطلوب منا ، أولا وقبل كل شيء، أن نعترف بالهزيمة، إن حصلت، وأن لا نضع اللوم على الواقع أو على الآخرين ومؤامراتهم. بالطبع فإن هذا الاعتراف لن يحولنا الى منتصرين، لكن الاعتراف هذا – بدل التبرير - هو الخطوة الأولى التي من دونها لن نتقدم ميلليمترا واحدا باتجاه سكّة العصر.
وأن نبدأ متأخرين، أفضل بكثير من أن لا نبدأ أبدا.