السبت 2024-11-23 03:11 ص

مارثون ونقاشات

04:21 م
الأسبوع المقبل سيكون الرأي العام على موعد مع مناقشات أعضاء مجلس النواب لمشروع قانون الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2023، ويتوقع أن تكون المناقشات طويلة إلى حد ما.


شخصيا، شهدت مناقشات ما يقرب من 20 مشروع قانون للموازنة، وربما أكثر، وفي كل مرة كانت المناقشات تأخذ وتيرة نقدية مرتفعة، فيها الكثير من الانتقادات لسياسات الحكومات المتعاقبة، وفي آخر المطاف تحوز الموازنة على ثقة النواب بأغلبية مريحة، وبعد ذلك تخرج عناوين الصحف ومقالات الكتاب والمواقع الإلكترونية بخبر إقرار الموازنة، ما يضع النواب في بؤرة النقد، وتذكيرهم بخطاباتهم أثناء أيام المناقشات، والسبب ان النواب خلال أيام المناقشات اعتمدوا على الخطاب التصعيدي، ومن ثم وافقوا على الموازنة، ما كان يؤثر سلبا على صورة مجلس النواب كمؤسسة تشريعية أمام الرأي العام.

تلك ليست دعوة بأن يتخلى النواب خلال مناقشات الثقة عن دورهم الرقابي والتشريعي، والابتعاد عن نقد سياسات الحكومة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وانما ذاك تحذير استباقي لأهمية أن تكون خطابات الموازنة تعكس ما يريده النائب، وتعكس موقفه النهائي من مشروع قانون الموازنة.

أيها السادة، ناقشوا، انتقدوا، استجوبوا، ضعوا الحكومة امام مسؤولياتها الاقتصادية، والسياسية والمجتمعية، ضعوا رؤى اقتصادية واضحة، وحلولا يمكن البناء عليها، اسألوا عن المشاريع والزراعة والصناعة والتجارة، والفساد والمفسدين، اسألوا عن حقوق الانسان، وحق الرأي والتعبير، اسألوا عن توسيع دائرة الإصلاح السياسي والحزبي، ضعوا الأمور في نصابها الصحيح، ولكن واجبي وانا الذي شهدت ما يقرب من 20 عاما من الجلسات الماراثونية التي تحمل سقف نقد عال ومن ثم تنتهي الأمور بالموافقة على الموازنة، واجبي لفت الانتباه بان رفع وتيرة النقد يتطلب موقفا نهائيا يتفق مع خطاب النائب.

من حق النواب الدستوري وضع الحكومة امام مسؤولياتها، ومن حقهم النقاش بعمق، ومعرفة بماذا تفكر الحكومة في الأيام المقبلة، والوقوف بكل شفافية على وضعنا المالي وعجز ميزانيتنا، والمديونية وعلاقتنا مع صندوق النقد الدولي، والمنح التي تحصل عليها الحكومة والدول المانحة والشروط التي تضعها تلك الدول لاستدامة المنح، والقروض الداخلية وعلاقة الحكومة بصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي، وضريبة الدخل والضريبة الواقعة على البنوك، والحوافز الممنوحة للاقتصاديين والتجار، والمعونة الوطنية، والفقر والبطالة، وسبب توسع دائرة الفقر والعوز، والإدارة العامة والترهل المخيف الذي يضربها، والاستثمار وسبب التباطؤ في جلب استثمارات خارجية للبلاد، والمخدرات وتفاقمها، والجريمة وارتفاعها، والاعتداءات التي تحدث بين فينة وأخرى على أملاك الدولة.

هذا الحق النيابي يمكن ان يتم التعامل معه داخل المؤسسة البرلمانية، من خلال مناقشة مشروع قانون الموازنة بشكل علمي، والطلب من الحكومة وضعهم بصورة الأمور بشفافية ودون تجميل، وأيضا تقديم رؤى واقعية ومقترحات للخروج من الازمات الاقتصادية.

الأسبوع المقبل تبدأ المناقشات، و»مالية النواب» ستقدم توصياتها الأربعاء المقبل، ومن المؤكد ان التوصيات ستتحدث عن أسعار المحروقات وصندوق الطالب والمنح والقروض، وغيرها من مقترحات تتعلق بآلية تخفيض عجز الموازنة، ومن الواجب إعادة التذكير ان الخطابات النيابية يجب ان تكون متوافقة مع موقف النائب النهائي من الموازنة، فكلما كانت خطابات النواب متسقة مع موقفه النهائي فإن ذلك سيضع مجلس النواب في موقف إيجابي أمام الرأي العام.

بالمجمل، فان ذاك ليست دعوة لمنح الموافقة على الموازنة او حجب الثقة عنها، وانما هو تذكير لأهمية ان تكون الخطابات علمية واضحة، متوازنة وان يصوت النواب في النهاية وفق قناعاتهم، وان يتم تقديم تشخيص واقعي للمشاكل الذي نعاني منها بعيدا عن الذهاب لمناقشة قضايا مناطقية محدودة.
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة