ظهرت أمس نتائج الثانوية العامة وأعلنها وزير التربية والتعليم وزير التعليم العالي أمس صباحا خلال مؤتمر صحفي، وذكر فيه نسبا، ولأنني أكتب هذه المقالة بسرعة، ولم أتمكن بعد من مراجعة الأرقام والنسب التي ذكرها الوزير، سوى أن نسبة النجاح في الفرع العلمي أكبر بكثير من نسبتها في الفرع الأدبي، ولا أنسى توضيح سبب انشغالي عن المتابعة، فهو كان في البداية ضياع وقتي بمحاولات الدخول لموقع اعلان النتائج الذي أعدته وزارة التربية والتعليم، حيث تم تناقل أخبار عن تعطله، لكنه فتح وعرفنا نتيجة ابني عبدالمجيد، وقد حالفه الحظ وتجاوز المرحلة بمعدل 80 في الفرع الأدبي، علما أنني (اهتريت توجيهي)، فعبدالمجيد هو الابن السادس وقبل الأخير الذي يتجاوزها، وسيكون بإذن الله الابن الطالب الرابع على مقاعد الدراسة الجامعية، وهنا اعتقد أن الصورة أصبحت أكثر وضوحا عن حالة الإنشغال و(الذهان) القسري التي تجعلنا نضرب الأخماس بالأسداس، لتقصي الأمل بالله سبحانه وتوفيقه، للإجابة على السؤال (من وين نجيب مصاري لتعليم الأبناء!)، فهو السؤال الذي يأخذ الأولوية لدى أولياء الأمور، كلما ظهرت نتائج الثانوية العامة.. ولنتحدث قليلا عن بعض الملاحظات التي تزيد الإجابة صعوبة على الفقراء كلهم.. وما أكثرهم طبعا.
كان عاما (أقشرا) كما نعلم جميعا، فكورونا وتداعياتها الكثيرة من جهة والاجتهادات الرسمية وغير الرسمية في مجال التعليم من الجهة الأخرى، وترفدها اجتهادات في مؤسسات التعليم العالي، فكلها تحالفت لتضع الناس في هذه الحالة من الحيرة. نسبة نجاح الفرع الأدبي متدنية مقارنة بالعلمي، وهذا ليس امرا طبيعيا، بل إن المنطقي (بتقديري) أن ترتفع نسبة نجاح الفرع الأدبي، وأعتقد أن ارتفاع نسبة نجاح الفرع العلمي، وارتفاع معدلات طلبته، قد صعب المهمة أكثر على طلبة الفرع الأدبي للتتافس على مقاعد جامعية، ناهيكم عن (مقاربات ربما او إجراءات)، انتهجتها وزارة التربية لتخرج بنتائج توافقية، حول الملاحظات عن بعض الأسئلة التي أثيرت وقت الامتحانات، لكنها كلها كانت بشأن الفرع العلمي حسب معلوماتي، وترك الفرع الأدبي يواجه تحديين: الأول: متعلق بمحدودية التنافس الجامعي على تخصصات معينة، حيث لا يحق لهم التقدم لتخصصات علمية، وهذا منطقي بالطبع، لكن الأمر غير المنطقي أن لا تعطى الأولوية في النخصصات الأدبية لخريجي الفرع الأدبي، فهم لا يتنافسون مع زملائهم في الفرع الأدبي، بل مع العلمي أيضا، وهذا يعتبر خلل.
الثاني: متعلق بالنتائج (المرضية) التي طالبنا بها وتحدث عنها الوزير، وهي مراعاة طلبة الفرع العلمي في التصحيح، فهم بهذا (منحوا) أفضلية أخرى لطالب العلمي، فمثلا لو سألنا سؤالا عن عدد طلبة الثانوية الناجحين في الفرع الأدبي، الذين تم قبولهم في تخصص القانون في الجامعة الأردنية على التنافس او على الموازي؟..لن نجد الا بعض الأوائل في الفرع الأدبي وبعض طلبة (الكوتات)، لكن لن تجد منهم نسبة تذكر بأنهم تم قبولهم على برنامج القبول العادي، وحتى في القبول الموازي، يتنافس الطلبة وفي السنوات العادية، تكون النسبة كلها ان لم تكن الأعلى لخريجي الثانوية من الفرع العلمي، وهذا خلل كبير يحدث في العاصمة التي يزيد عدد طلبتها أضعافا عن المحافظات الأخرى، بينما لا جامعة حكومية فيها سوى الجامعة الأردنية وبعض كليات من جامعة البلقاء التطبيقية. لا أريد إصلاح التعليم وتحسين امتحان الثانوية العامة من خلال مقالة، لكنني متأكد بأنني قدمت فيها ملاحظة نوعية لوزير ووزارة التربية، ولا أعتقد أن أحدا تحدث عنها سابقا، سيما وأن نتائج الثانوية لهذا العام صعبة جدا على طلبة الفرع الأدبي، بينما هي مريحة للغاية في الفرع العلمي، ولا أنسى هنا أن كل التوسعات التي تجري (دون اعلان)، على القدرة او الطاقة الاستيعابية للجامعات الحكومية، لا تشمل برنامج القبول العادي (التنافس)، بل تنحاز للبرامج الأخرى وللموازي بشكل كبير.. من وين نجيب مصاري! سؤال على ألسنة كل اولياء امور الطلبة في الأردن، لكنه حادّ وصادح هذا العام، بالذات على ألسنة اهالي طلبة الفرع الأدبي من خريجي الثانوية.. نبارك لمن حالفه الحظ من ابنائنا ونتمنى التوفيق لمن لم يحالفه، و(لا تستعجلوا)، ستنجحون وتنالون معدلات في المستقبل.