الإثنين، 06-09-2021
02:41 م
بعض الاحزاب تحاول جاهدة توقيف التوجه الداعم لبيئة تنتج احزابا برامجية كبيرة، وقد اصدر بعضها بالفعل بيانات تقول بوضوح وتحتج ان التوجهات الجديدة لا تلائمها. هي لا تريد اي شروط لتأسيس الاحزاب قد لا تقوى عليها، وتحاول جاهدة ان تدفع باتجاه تسهيل تأسيس الاحزاب كحق سياسي في المجتمعات الديمقراطية. هذه الاحزاب تدرك حالة الضعف التي تعاني منها وهي تقول ان ذلك ليس بسببها وانما بسبب عقود من التضييق عليها، متجاهلة عدم قدرتها على الفوز بأي مقاعد انتخابية، او انها لم تجدد قياداتها او تطور من ايديولوجياتها عبر عقود منذ استئناف العمل الحزبي عام 1992. الاحزاب الوازنة الواثقة بالمقابل، وبصرف النظر عن حجمها، ترى الخير الكثير القادم جراء التوجه الاصلاحي الكبير في ايجاد مقاعد مخصصة تكون محصورة على الاحزاب لا سواها، ما يرتب عليها عبء التطور، ويعطيها فرصة تاريخية لكي تكبر وتدخل دوائر صنع القرار عن طريق العمل النيابي. هذا توجه تاريخي بالفعل، ومطلب ملح ومستمر للاحزاب منذ سنوات طويلة، سيعطيها فرصة لكي تظهر قدراتها الحزبية وامكاناتها بعمل البرامج وانتاج القيادات وجلب الاصوات.
منذ استئناف الحياة الديمقراطية في العام 1989، مررنا بعدة تجارب لتقوية العمل الحزبي. في احيان، صعبنا تأسيس الاحزاب حتى نفرز القوي من الضعيف ولم تنجح التجربة وتسللت الاحزاب الشخصية الضعيفة للمشهد، ومن ثم يسرنا تأسيس الاحزاب فكانت النتيجة عشرات الاحزاب الكرتونية الشخصية التي عرفت بإحزاب الدكاكين. ثم وفي محاولة للاتيان بحلول وسط، اتبعنا نهجا وسطيا يتشدد في التمويل ويتساهل بالترخيص، وهو المبدأ الذي يقوم عليه قانون الاحزاب ساري المفعول حاليا، والنتيجة كما تظهر 49 حزبا قائما وعشرة احزاب تحت الترخيص، في حين ان البرلمان يكاد يخلو من الحزبية والبرامجية باستثناء حزبين اثنين فقط. للخروج من هذه الدوامة، لا بد من حلول جريئة متقدمة تستطيع بناء خريطة حزبية فيها عدد محدود من الاحزاب البرامجية الكبيرة التي تستطيع ان تنتج برامج وقيادات، وتخوض الانتخابات وتنجح بها، والتوجهات الحالية للجنة التحديث السياسي كما ترشح عن لجنة الاحزاب، تشير اننا في المرحلة القادمة سنكون امام مشهد حزبي يتكون من 7 الى 9 احزاب تتوزع بين اليمين والوسط واليسار، وان مقاعد الاحزاب في القائمة الوطنية على الارجح ستكون موزعة ما بين 2 الى 3 احزاب يمين، واربع الى 5 احزاب وسط، وحزب او حزبين يساريين الارجح انها من اليسار المحدث المدني والديمقراطي وليس التقليدي.
توجه خلق بيئة منتجة للاحزاب الكبيرة فيه خير للاحزاب وليس اضرارا بها، والدليل الدامغ على ذلك تخصيص مقاعد بنسبة معتبرة تكون حصرا للاحزاب وهذا تاريخيا حلمها، والاحزاب الصغيرة امامها كامل المساحة السياسية لكي تتآلف وتتطور وتعيد انتاج ذاتها، وعليها ان تلحظ ان بعض القوى تحاول منع اعطاء مقاعد للاحزاب للحفاظ على المعادلة القديمة المتكلسة. هو تحدي لا شك، لكن بلدهم ومجتمعهم يستحق منهم خوض هذا التحدي، والدخول لمئوية الدولة بخطاب حزبي حداثي متطور، يضع البرامج العملية التي تتعامل مع تحديات المجتمع، ومن ثم يقنع جمهور الناخبين بحلول الحزب لهذه التحديات.