السؤال الذي يتم تداوله هذه الأيام في عمان، على مستويات مختلفة، يتعلق حول الحكومة الحالية، وإذا ما كانت الحماية متوفرة لها، ومتواصلة، أم تم رفعها عنها.
سبب السؤال وفقاً لكثيرين أن الحكومة تتعرض لهجمات في كل مكان، من بعض النواب، إلى الإعلام، وصولا إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وهي هجمات بنظر البعض قد تكون مدارة، وقد تكون طبيعية، إلا أن المشترك بين أنواعها، أن من خلفها يتصرف على راحته، ولا يشعر أن هناك ممانعة، أو اعتراضا عليها.
وكأنه يقال بشكل مباشر، إن الحماية تم رفعها عن هذه الحكومة، توطئة لحرقها، او لمرحلة جديدة، ولو كانت هذه الحماية متوفرة، لما وقعت حوادث كثيرة، ضدها. والكلام هنا حساس، ويأتي من باب المقارنة مع أمرين، أولهما وضع حكومات سابقة، حظيت بالحماية حتى اللحظة الأخيرة، وهي حماية قد لا تكون كاملة، لكن تخفف من حدة معاداة أي رئيس وأي حكومة، وفي حالات معينة كانت الحماية كاملة، فاضطرت جهات عديدة، أن تأخذ الأرض، وتختصر ولا تعادي أي حكومة موجودة، من باب كف المشاكل، وعدم معاداة الأطراف التي توفر الحماية لحكومة ما.
لكن علينا أن نتحدث بصراحة هنا، فمهمة الحماية، تشعرك أننا أمام حكومات في عمر الحضانة، فلماذا لا تتولى حماية نفسها بنفسها، عبر أداء مهماتها، وإدارة علاقاتها مع بقية المؤسسات والجمهور، وفي هذه الحالة، يمكن بكل بساطة تخفيف الحملات، سواء كانت مدارة من خصوم سياسيين، أو جاءت بشكل طبيعي ناقد، وهذا يعني بالمحصلة، أن مبدأ توفير الحماية اعتراف بشكل مباشر، أن أي حكومة قاصرة، ولا تستطيع حماية نفسها، وبحاجة الى من يتعهد استمرارها، وحمايتها. في كل الأحوال من الواضح أن القصة في عمان، ليست كما يظن البعض، فلا أعتقد أن الحماية تم رفعها عن هذه الحكومة، وكل القصة تتعلق بكون الحكومة متروكة أمام مصيرها بشكل طبيعي، حيث من واجباتها إدارة العلاقة مع كل الأطراف، بما يفسر الضغوطات الشديدة التي تتعرض لها حاليا، وهي ناجمة عن ادارتها لشؤونها، وليس بسبب وجود قرار برفع الحماية عنها، وتعريضها لكل هذه الموجات الناقدة.
على العكس هناك مؤشرات رسمية عليا، تثبت أن إسناد الحكومة يجري على مستويات معينة، من حيث متابعة برامجها، على مستوى عال، حيث أمامها كما هو معلن برامج تتعلق بتعديل قوانين المنظومة السياسية، وبرامج على صلة بالاقتصاد. لكن الواقع يجري بطريقة مختلفة، حيث تجمعت الضغوطات على الحكومة من كل الاتجاهات، الرأي العام الحاد ضدها، استطلاعات الرأي العام، الإعلام، بعض النواب، وقصص ثانية ترتبط بالإخفاقات الاقتصادية، تجعلها تمر بمنحى صعب، برغم كل التعديلات الوزارية، التي جرت لاعتبارات مختلفة.
الذي يحلل هذه الضغوطات، قد يخلص إلى نتيجة تقول إن الحماية تم رفعها، لكن الاستخلاص الأعمق يقول شيئا مختلفا، فهذا هو واقع الحكومة، وهذه هي قدرتها على إدارة وجودها بين الناس، وأمام كل المؤسسات، ولا يجوز التهرب من هذا الاعتراف، بالقول إن هناك من يتركها وحيدة، أو يسعى لحرقها بطرق ذكية.
هذا الكلام يعني أن كلام الحكومة ومن فيها، سرا، أو علنا، حول مظلوميتها، وأنها تتعرض لضغوط مدارة، يجب ان يتوقف، ومهرب النجاة هنا، بات غير مقنع، فلا أحد لديه خطة لإسقاطها، وهذا يوجب في المحصلة أن تتنبه إلى مهماتها الأساس، بدلا من افتراض خصوم يديرون هذه الحملات، في الليل والنهار.
لقد مرت علينا تجارب في الأردن، لحكومات حظيت بحمايات غير مسبوقة، من كل المؤسسات والجهات، حماية لم يحظ بها أحد، لكنها فشلت، لأن الحماية أيضا لا تعني السكوت على الأخطاء، أو تلوينها، لأنها بهذه الطريقة تصبح سببا في الإضرار بالداخل الأردني، خصوصا، حين يصير السخط مرتفعا، وهو سخط لا يمكن خفضه، مهما امتلكت من وسائل لحماية ذاتها، لأن الواقع هو الذي يفرض نفسه أولا وأخيرا. الخلاصة تقول ان هناك فرقا يجب ان تعرفه الحكومة، بين توهم رفع الحماية عنها، وتركها للرماح، وبين دفعها لكلفة الطريقة التي تدير بها وجودها في هذه البلاد.