تأتيك عشرات الاتصالات، من خارج الأردن، كلها تتذمر من أداء السفارات الأردنية في العالم خلال ازمة كورونا، ويحكي لك من يحكي، حكايات يمكن تفسيرها، أحيانا.
لا تعرف ما هي التقارير التي ترسلها اغلب السفارات الأردنية في الخارج، حول أوضاع الأردنيين في ظل ازمة كورونا، وبرغم ان السفراء، عموما، يبرقون بتقارير مختلفة الى المكتب الخاص، ووزير الخارجية، حول تطورات الوباء، وغير ذلك من تأثيرات في دول العالم، الا ان ملف الأردنيين يواجه مشكلات كبرى، دون ان ننكر هنا، ان إمكانات السفراء محدودة، وصلاحيات السفارة محددة وفقا لأنظمة وزارة الخارجية والبيئة التي تعمل فيها كل سفارة، وفقا لطبيعة البلد، وتقاليده وقوانينه وتعقيداته المختلفة؟.
هناك آلاف الحكايات لأردنيين تقطعت بهم السبل خارج الأردن، بعضهم لا يجد قوت يومه، بعضهم رحل من مسكنه بعد فقدان عمله، وينام في بيوت الآخرين، بعضهم يريد العودة ولا يستطيع ماليا، وبعضهم يواجه مشكلات فنية مع ارباب العمل، او الجهات التي يعملون فيها، وهناك أيضا من لا يستطيع تجديد جواز سفره، كونه لا يجد المال، او لكونه مطلوبا على خلفية قانونية في الأردن، وهناك جوانب عدة، يعبر عنها كثرة بالقول ان السفارات لا تقدم الخدمات كما يجب في دول كثيرة في هذا العالم، إضافة الى ضعف أداء اغلب السفارات ذاتها. هذه القصة قديمة جديدة، فهي لا ترتبط بعهد وزير محدد، حتى لا تبدو القصة هجوما على الوزير الحالي، وبرغم حدوث تحسينات على أداء السفارات، وطريقة اتصالها بالأردنيين في الخارج، الا ان النقد ما يزال قائما، على الرغم من معرفتنا ان سفارات وسفراء بذلوا جهدا طيبا في بعض الحالات، وساعدوا أردنيين على العودة، عبر الاتصال بعمان وتأمينهم، او حل مشاكلهم في الدول التي يقيمون فيها، الا انه على ما يبدو ان الأردنيين يفترضون دورا اكبر لهذه البعثات، بدلا من الطريقة الحالية، خصوصا، في ظل تفشي هذا الوباء، ونقطة الضعف في هذه الرواية ترتبط بتفسير دبلوماسيين حين يقولون انهم يتصرفون وفقا للتعليمات من عمان، ولا يمنعون أي مساعدة عن احد، او يخفون إمكانات في مكاتبهم عن الأردنيين.
لقد كشفت ازمة كورونا الضعف البنيوي في مؤسسات كثيرة، وقد آن الأوان لمراجعة أداء هذه المؤسسات، وحين نتحدث عن السفارات فإن من اكبر نقاط الضعف يتعلق بأمرين، أولهما عدم وجود إمكانات لدى السفارات لحل أي مشكلة، فلا مخصصات مالية، ولا صلاحيات الا ضمن حدود، وكوادر السفارات قليلة أساسا، وتوزع السفارات جغرافيا عليه ملاحظات، وثانيهما ان علاقة السفارات بالمواطنين شكلية، او عند تجديد الوثائق، او الوقوع في المشاكل، حيث لا يوجد أي سفارة للأردن في الخارج لديها معلومات كاملة عن اعداد الأردنيين، واعمالهم، وعناوينهم، وقد تم طرح اقتراح سابق لم يسمعه احد يتعلق بإنشاء صندوق للأردنيين في الخارج، يعمل ضمن أسس معينة، لدعمه ماليا، من المغتربين والجهات الرسمية، وله نظام للعمل في حالات الطوارئ الفردية والجماعية، كما هي حالة كورونا. اذا كانت الجهات الرسمية قد أقرت قبل أيام ان ازمة كورونا كشفت نقاط ضعف في أداء المؤسسات الرسمية، فأن ملف وزارة الخارجية، يجب ان يعاد النظر فيه، ليس على سبيل التحريض ضد احد، ولكن عبر مراجعة أسس العمل، والإمكانات، والعلاقة مع الأردنيين في العالم، وفاعلية البعثات في الازمات، وتغيير التوصيف الوظيفي للبعثات، حتى لا يجد الأردنيون انفسهم في قارات العالم الخمس، امام أزمات فردية، او عامة، ولا يجدون طرفا يساعدهم.
نفترض من وزير الخارجية ان يكون لديه الان ورقة عمل، بعد حفلة كورونا الممتدة من شهر آذار حتى الآن، لما تجب ان تكون عليه البعثات، فيبرق بها، الى من يهمه الامر في عمان، خصوصا، ان هذا الإرث الصعب، ينتقل من جيل الى جيل، ولا حرج على الوزير ان يشخص المشاكل والأزمات، فهو لا يدين نفسه، ولا غيره، بل يشخص ازمة المؤسسة أولا وأخيرا. هل فشلت سفارات الأردن في ازمة كورونا. قد لا يبدو السؤال عادلا، لأن الإجابة من حيث المبدأ ترتبط ببنية متأكسدة عمرها عشرات السنين وبحاجة الى صيانة الآن؟.