من الآن وقبل أن أشرح؛ هذا يحدث معي وما يحدث معي يسبب لي إحراجاً شديداً في كلّ مرّة لأنني «زلمة» فقط..! ويبدو لي أن «الزلوميّة» في أوطاننا يجب أن تلتحق بالخل الوفي والعنقاء و الغول..!
أحكي مع أبوي كلمتين فيقول لي: لازم تعمل هيك وهيك لأنك زلمة..! تشتمك امرأة ويجب ألا تردّ لأنك زلمة..! تتوجع والألم جاد جدا ويجب ألا تقول الآه لأنك زلمة..! يضعونك في موقف مفعم بالبكاء ويجب ألا تبكي لأنك زلمة..! يدك فيها مشكلة بالأعصاب ولا تستطيع أن تتحمل مسك أي شيء؛ تنقطع المياه في بيتك وتوصي على «تنك» ويصبح مطلوب منك أن تمسك «البربيش» الضخم المدعوم بقوة الضخ بيدك المعطوبة وأنت واقف على طوبة غير ثابتة والأرض «تتقلقز» تحتك ويجب أن تملأ الخزّانات ولا يشعر أحد بما يحدث لك؛ فقط لأنك زلمة..!
يجب أن تواجه كل أنواع الفواتير وحدك لأنك زلمة..! ليس في جيوبك إلاّ حظك السيئ ومع ذلك يجب أن تتولّى دفع أجرة البيت لأنك زلمة..! يجب ألا يشعر أولادك أنك عاجز وغير قادر على شيء لأنك زلمة..! يجب أن تملك حلولا لأي مصائب لأنك زلمة..! يجب أن تتحوّل إلى انشتاين و الخوارزمي لأنك زلمة..! يجب أن تكون الرجل العنكبوت و جيمس بوند لأنك زلمة..! يجب أن تتحول إلى بنك ومطعم و سيارة فارهة وفيلا؛ لأنك زلمة..! يجب أن تموت من الجوع وتحرم نفسك من كل شيء لأنك زلمة..! يجب أن تتحوّل ضحيّة لا يشفق عليها أحد كي تثبت لكل الذين يتعاملونك معك أنك زلمة ومش أي زلمة..أمّا حياتك فيلعن أبو اللي نفضها؛ أنت لا تستحقها لأنك زلمة والزلمة عيب يعيش الحياة..!