الأربعاء، 13-05-2020
02:45 م
أعترف ككل رمضان بأنني افرّغ وقتاً طويلاً وكثيراً لمسلسلات وبرامج رمضان. أشغّل حاستي الفنيّة وذائقتي وأعلى درجات الانتباه؛ لأني لا أتابع مسلسلات عربية إلاّ في رمضان .
مسلسلات هذا الرمضان التي تورّطتُ فيها تُثبتُ للمرّة الألف أن (المؤلفين) في (حتّة) والناس في (حتّة) ثانية . لم أجد أحداً ممن أعرفهم معرفة شخصية في أي من المسلسلات. لم أجد جيراني. لم أجد زملائي. لم أجد شارعي. لم أجد قضاياي. لم أجد قصص الناس الغلابا. لم أجد ألاعيب الكبار وما يفعلونه بنا. لم أجد أمّي. لم أجد ما أعانيه ويعانيه غيري في هذه المسلسلات. وكأنها تحكي عن بلاد غير بلادنا رغم أنها تحمل أسماءنا وأشكالنا.
عشتُ هذا العمر ولم ألتقِ بشخص فقد الذاكرة ؛ ومع ذلك حضرت عشرات المسلسلات والأفلام عن فقدان الذاكرة. لم ألتقِ بحياتي مع شخص كان فقيراً معدماً وصار فجأة مليارديراً ومع ذلك مئات الدراما عنهم. لم أواجه في حياتي كل هؤلاء الذين زرعوهم بيننا في المسلسلات.!
يكتبون عن من؟ ولمن؟ لماذا الإصرار على ألاّ ترى نفسك فيما يعرضونه عليك؟ لماذا يشعرونك أن هناك عالماً غير عالمك وأناساً غير الذين تراهم.؟ هل واقعية أي دراما تسقطها؟ هل ملايين القصص الحقيقية التي نتشابك معها يوميّاً لا تصلح لأن تكون بطلةً لأحداث مسلسل واحد..؟ من يريد أن يشعرنا بالغربة وأننا بكل هذا الوضوح لا نُرى بالعين المجرّدة.؟.
في زمن الكورونا؛ كان الأولى بصنّاع الدراما أن يضعوننا أمامنا. كان الأولى أن يرونا. بل الأولى أن نكون نحن أبطال قصصنا؛ لا أن يلعبوا بحكاياتنا ويجلبوا أحداثاً لم ولن تحدث معنا..!
أنا وأنتم مسلسلات لم ترَ النور بعد..
يتبع...