الخميس 2024-12-12 14:39 م

سورية ما بعد الحرب

08:02 ص

وفقا لدراسة أعدتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونسيف، فإن الازمة السورية أدت الى نتائج خطيرة جدا، كان من ابرزها، مليون طفل سوري يتيم، وكل طفل فقد أحد والديه، أو كليهما، نتيجة للحرب الدائرة في سورية.



السؤال الذي يخطر في البال هنا، يتعلق بالافتراض الذي يتحدث عن توقف الحرب، وسقوط النظام، او بقاء النظام، او حتى بقاء سورية وحدة واحدة، او تقسيمها، اذ في كل السيناريوهات علينا ان نبحث مصير مليون طفل يتيم، وبنيتهم الاجتماعية وحياتهم؟.


اكثر الدراسات تتناول الازمة السورية، من باب الأرقام المادية، مثل هدم مليون بيت كليا او جزئيا، مقتل مئات الالاف، جرح مئات الالاف، تشرد اكثر من عشرة ملايين سوري داخل سورية، وخارجها، عدد المعتقلين، الكلفة المالية للحرب، وكلفة إعادة الاعمار، لكن لا احد يبحث عما يعينه حصرا وجود مليون طفل سوري يتيم؟!.


هذه كارثة اجتماعية، ونحن امام جيل من السوريين، ستختلط هويته الاجتماعية، جراء تعدد العوامل المتناقضة الداخلة في تكوين كل طفل، الخوف والرعب من الحرب، الحرمان جراء غياب الاب او الام، او كليهما، الجوع والفقر، وعوامل كثيرة، كلها تصب باتجاه جيل سوري جديد، يتسم بسمات مختلفة، عن أي جيل ينشأ في ظل الامن والاستقرار.


في الدول الغربية، حين يتعرض طفل في مدرسة الى أي هزة نفسية، تسارع المدرسة الى فحصه، واخضاعه لمستشار نفسي، وقد تتم معالجته، او إزالة كل الظروف التي أدت الى هذه الهزة العميقة التي نالت من طفولته، لانها ستترك اثرا حادا عليه.


العالم العربي مختلف. لأن الانسان لا قيمة له، ومجرد حطب في نار الصراعات، لكننا نسأل عن الأثر النفسي والاجتماعي لهذا اليتم المرتبط بالحرب، فهو ليس يُتمًا عاديا، وهل نحن امام جيل جديد من السوريين، ستكون من سماته الغضب والتطرف والرغبة بالانتقام، ام امام جيل خائف مذعور يدفع كلفة يتمه وثمن الحرب، عبر شخصية مهزوزة وضعيفة، ام اننا امام جيل قد يصير غير منتم لبلاده ولا للمنطقة، بعد الثمن الذي تم دفعه؟!.


اخطر ما في الحرب السورية، فوق الكلفة المالية للحرب، وتدمير البنية الاقتصادية والمادية، وتشظية الوجدان الجمعي للسوريين، باعتبارهم ينتمون الى هوية جامعة واحدة، ان الحرب أسست لسورية جديدة، على الصعيد الاجتماعي، سورية فقيرة جدا، شعبها مشرد بما يعنيه اللجوء من مشاكل عميقة، إضافة الى ان جيل المستقبل، يتكئ على سوريين ايتام، او خائفين، فقدوا اهم عنصر داعم في حياتهم، أي الآباء او الأمهات.


علينا ان نقرأ سورية جيدا، مابعد الحرب، أيا كان شكل انتهاء الحرب، وايا كان الفائز او الخاسر، وهذا هو الأهم، لان السوريين هم أساس بلادهم، ولا أحد ينكر أن الحرب هشمت حياتهم بكل الطرق، وهذا تهشيم قد يدفع باتجاهات محددة، قد يستحيل معها إعادة اعمار السوريين، باعتبار ان إعادة الاعمارالمادية، قد تكون ممكنة، على صعوبتها الكبيرة جدا.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة