ما الذي يمنع أن تقدم ليوم فقط استقالتك من “السياسة” وان تنسحب من عالم الهموم والحسابات ، وأن تفتح لروحك التي “حبستها” في قفص الخوف والشك ، أبواب “الترقي” لكي تصعد في ملكوت الحب والألفة.. ما الذي يمنعك اليوم من ان تفرح وتحرر نفسك من طينها الثقيل ، وتعيدها الى طبيعتها الاولى ، من أن ترمي “الجمرات” على الشياطين التي صفدت فيك دوائر الخير ، وأصمَّت أذنيك عن سماع الحق ، واغشت بصيرتك عن رؤية الجمال او الاحساس بالنعمة والتمتع بما في الكون من زينة وطيبات.
ما الذي يمنعك اليوم من أن تخرج من عزلتك ، وتطلق ابتسامتك ، وتطوف الشوارع لتقرأ الفرح في عيون الاطفال ، وتمسح الدمع عن وجنات الايتام والحزانى ، وترسم الأمل على جبين المحبطين واليائسين.. ما الذي يمنعك من أن يكون لك “عيد” يُعيد اليك ، ولمن حولك ، ما غاب من سرور ، أو ما تراجع من أمل ، او ما اضمحل من ثقة ويقين.
حزنك المقيم لن يحرر الاوطان المسلوبة ، ولن يصلح الاحوال المقلوبة ، ولن يعيد ساعة الزمن الى الماضي الجميل ، حزنك النبيل لن يبعث في الامة الحياة ، ولن يزرع فيها النهوض.
ان شئت أن تتأمل في هذا اليوم ، فتأمل “الفرح” ، ان شئت ان تتفكر ، فتفكر بالامل ، ان شئت ان تحاسب نفسك ، فاركب قطار “التفاؤل” ، إن شئت أن تهرب من هواجس “الجهامة” وغبار الطريق ، فاصعد بروحك الى فضاء الفضيلة ، وبأعمالك الى دوائر الخير ، وبالانسان فيك الى مدارج الانسانية: هذه التي تنتظر “العيد” لكي تذوق معنى التضحية ومعنى الحرية.
أنت مدعو في كل حال لكي “تفرح” ، لكي تزيح عن نفسك التي تثاقلت الى الارض أوجاعها وآلامها وأمراضها ، وتزيح عمن حولك غيوم الكراهية والقطيعة ، وتزرع في الارض بذور المحبة والوصال لتقلع منها اشواكها واحساكها.
أنت مدعو لكي “تذبح” في العيد “كبش” أنانيتك وتطلق شحّك الدفين ، لكي ترتفع فوق “الصغائر” والضغائن وتتذكر -دائما- بان “الله اكبر”.. وتتذكر أن “الحياة أجمل” وتتذكر ان في “العيد” معنى “الدين”.. وأن وظيفة الدين ان نحيا لنحيا.. لا أن نحيا لنموت.. ان نحيا لنفرح ونعطي ونزرع ولا لكي نشكو ونتذمر.. او لكي نتجهم ونغضب وتبث أحزاننا في الدروب.
تسائلني: أي عيد؟ يا صديقي اعتبره يوماً للفرح في عام كل أيامه تعب ، اعتبره لحظة للتنفس في سنةْ امضيتها في الركض واللهاث ، اعتبره “استراحة” منها تبدأ بتغيير الايام والاحوال.. اعتبره “سراً” غامضاً وابحث فيه عن السعادة.. اعتبره اي شيء.. لكن ارجوك ، مارس “الفرح” ولو ليوم واحد.. فرح الطاعة وفرح الاستقامة وفرح استرواح النفس من جدها.. لتنطلق قوية من جديد.
وكما انه لا يجوز في الاسلام للمسلم ان يعتزل الناس او ان يشعر بالحزن او ان يفتعل الاحساس بالاكتئاب فانه في العيد - من باب اولى - مطالب باشاعة الفرح في نفسه ومحيطه ، وبالخروج من دائرة الضيق الى السعة ، ومن التعب الى الراحة ومطالب باخذ نصيبه من الدنيا ، هذه التي لم يحرّم الله زينتها على احد من عباده ، ولم يخلق فيها الا ليعبّد طريقه منها الى الآخرة ، فهي الحياة وتلك الآخرة وعمارتهما “وظيفة” المسلم متى فهم دينه واستقامت في ذهنه قيمة خلقه ووجوده ووظيفته في هذا الكون.
وفي العيد -ايضا - معنى اضافي للحياة فهو يوم او ايام مقيدة تعيد للانسان طبيعة حياته التي انقلبت عن طبيعتها وتعيد اليه فطرته الاولى التي جبل عليها ، فطرة الانسان العابد ، لا العابث ، السامي لا الحيواني ، الانسان الذي تتسع فيه روح الحب والجوار ، الانسان الذي تتحرر نفسه من الخوف والغضب والحزن والعزلة ، الانسان الذي يضحي ويعطي ، لا الذي يشحّ وياخذ ويكنز فقط.
الدستور
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو