الخميس 2024-12-12 14:39 م

هل يكرر مرسي في سوريا «خطأ» عبد الناصر في اليمن؟

10:40 ص

في الأنباء، أن الرئاسة المصرية “تدرس بجدية الاقتراح القطري القاضي بإرسال قوات عربية إلى سوريا”...لا ندري بعد، ما الذي ستأتي به هذه الدراسة، وكيف سيكون القرار المصري بعدها..لكننا نعرف أن مصر لن تكون حتى إشعار، قادرةً على إحكام سيطرتها على شبه جزيرة سيناء، دع عنك إرسال الجيوش إلى سوريا، وإحكام سيطرتها هناك، بعد إسقاط نظام الأسد الذي تعهد الرئيس مرسي بإسقاطه مرتين، الأولى من طهران لإثبات تمايزه عن “محور إيران وشيعتها” وأخرى من أنقرة، تماهياً مع السياسة التركية، في طبعتها الأردوغانية التي لا تكف عن التذكير بالماضي العثماني للدولة التركية الحديثة.


ولا ندري بعد، ما إذا كان البيان الرئاسي المصري جدياً، أم هو نوع من “الغزل” و”المداعبة” للموقف التركي، سيما وأنه صدوره تزامن مع زيارة الرئيس المصري لتركيا، كضيف شرف على مؤتمر حزب العدالة والتنمية الحاكم.

لم يأخذ مراقبون كثر، المبادرة القطرية على محمل الجد...حتى أن وزير الدفاع الأمريكي حذر من مغبة التدخل العسكري المنفرد في سوريا بعيداً عن مجلس الأمن...لا توجد دولة عربية واحدة لديها القدرة على إرسال قوات “ذات وزن” إلى سوريا...كثير من الدول العربية تعجز عن حفظ حدودها أو صون أمنها الداخلي، برغم صفقات التسلح الفلكية التي أبرمتها مع واشنطن...في أقصى الحالات، يمكن لهذه الدول أن ترسل مراقبين، مسلحين (والأفضل عُزلٌ من أي سلاح) أو قوات فصل بين المتحاربين وحفظ السلام بينهم، وهذا يتطلب موافقة النظام والمعارضة في وسوريا على حد سواء، وهي موافقة متعذرة من جانب المعارضة ومؤكدة من جانب النظام بشكل خاص.

بعض المصادر تقول أن ما أعلن من المبادرة القطرية ليس سوى شقها الأول، المتعلق بالقوات العربية، فإن لقيت استحساناً وقبولاً من “العواصم العربية المؤثرة”، سندخل في الشق الثاني (المرحلة الثانية) من المبادرة، وهي “أسلمتها” في محاولة لاستدراج تركيا إلى ميدان التدخل العسكري...تركيا وحدها قادرة أن “تحدث فارقاً ميدانياً”..لا لأنها الدولة التي تمتلك قوة عسكرية وازنة ومجربة فحسب، بل ولأنها أيضاً، دولة الجوار الوحيدة التي يمكن لها أن تسهل عبور القوات ودخولها إلى العمق السوري، أو أقله ما يُعتقد أنها مناطق سورية محررة، وخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة.

لكن الرهان على “الشق الثاني” المُضمر من المبادرة القطرية (إن ثَبُتَ وجوده)، هو رهان خاسر لا محالة، فتركيا ترفض القيام بالدور الذي قام به نظام الأسد الأب في لبنان عام 1977 في إطار ما كان يعرف بـ”قوات الردع العربية” حيث ظل الجيش السوري وحده في الميدان، بعد أن سارعت مختلف الوحدات العسكرية العربية بالإنسحاب من لبنان قبل أن تستكمل مهامها في وضع حد للحرب الأهلية اللبنانية، التي طالت واستطالت بعد ذلك لما يقرب من الثلاثة عشر عاماً من تاريخه، وصولاً لاتفاق الطائف.

في تركيا رأي عام مناهض للتورط العسكري التركي في سوريا، وبالأخص لأي إجراء تدخلي لا يحظى بمظلة عربية وأمريكية..ما أجبر أنقرة على اتخاذ خطوات للخلف (حتى الآن) من نوع الطلب من الجيش الحر نقل مقر عملياته إلى الداخل السوري والقيود التي بدأت تضعها في وجه اللاجئين السوريين، وبعض التضييق على نشاطات المعارضة المسلحة وداعميها ورعاتها في أنطاكيا وسائر المناطق الحدودية مع سوريا.

ثم، من قال أن الولايات المتحدة، وبالأخص بعد حادثة بنغازي، بصدد التورط عسكرياً في الأزمة السورية، وحتى عبر البوابة “العربية”...من قال أنها تريد إسقاط النظام وتفكيكه...هي بلا شك تريد ترحيل الأسد، لكنها مع ذلك معنية بمنع تفكك مؤسسات النظام العسكرية والأمنية، وهذا ربما أمر لا يثير قلق بعض العواصم العربية الأكثر حماساً للعسكرة والحسم والتدخل العسكري.

في ظني أن بيان الرئاسة المصرية، يغلب عليه الطابع الإنفعالي، وهو مستوحى من “اللغة المنبرية” للرئيس المنتخب، لا أكثر ولا أقل...لقد دفعت مصر وعبد الناصر والناصرية أثماناً باهظة للحرب في اليمن، ولتدخلها ميدانياً فيها، وأحسب أن هزيمة حزيران 1967 كانت الثمرة المرة لذاك التدخل، والمؤكد أن تدخلاً عسكرياً مصرياً في الحرب الأهلية السورية، سيكون مدمراً لمصر ومرسي والإخوان المسلمين، وأخشى أن يقال في مرسي ذات يوم: “من أول غزواته كسر عصاته”.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة