مرّ عليّ أصدقاء وأشخاص وشخصيات ومسؤولون عاملون ومتقاعدون، مدنيون و عسكريون، يتفاوتون في حركتهم وهمتهم، وهذا طبيعي.
شاب في الثلاثين من عمره، بلا عزم ولا همة، كأنّه كهلٌ في الثمانين، يتحرك ببطء خانق (slow motion)، وكأن في قدميه أرطالا من الحديد، كتلك التي كان يضعها ابني حسن- أبو علي الطفيلي في قدميه، فيتدرب ويركض بها، لزيادة قوة قدميه وساقيه، لتصبح تسديداته على مرمى كرة القدم، خارقة هائلة القوة.
واعرف رجلا في الستين من عمره، ذا همة وعزم و»مروة» شابة متوقدة، يلبي ويهِبُّ ويخفّ كالنسمة، عندما «تنصاه وتنخاه»، فتجده أمامك، لا يتبرّم ولا يهمهم.
وأعرف شبابا، إذا عرضت على أحدهم، تحركا لأمر طارئ مستجد ملح، كالذهاب إلى التعزية -قبل ظروف كورونا طبعا- يقول لك مُتأفِفا مُتعذرا، لو أنك أخبرتني قبل أسبوع، لكنت رتبت وخططت وهيأت نفسي، أنت تباغتني الآن !!
وبيننا شباب أصابت الشيخوخةُ هممَهم وعزائمَهم، والأخطرُ أنها أصابت عقولَهم، فشلّتها وكبّلتها، وأقعدتهم عن الفعل والتفاعل مع المجتمع والناس.
لي اصدقاء عديدون، ذوو همة وبأس وعزم، يتحركون بلا توقف أو لهاث، يلبون ويتواصلون ويتفاعلون، ويشيعون الإيجابية بأزهى صورها، بمشاركتهم الناسَ أفراحَهم وأتراحَهم ومناسباتِهم وندواتهم.
وأبرز ذوي الهمة، اللواء الركن محمد حسين الشوبكي، الذي لا يمكن أن تصادف رجلا يشارك الأردنيين مناسباتهم، كما يشاركهم محمد باشا.
ومن الشخصيات ذوات الهمة، الروائي عامر طهبوب، الذي يُدهِش متابعيه لكثرة نشاطاته وتنوعها، وتمددها على كل مناطق الأردن.
و يعرف كل واحد منا، رجالا يفرّحون القلب، أهل عزم وهمة، يتحركون ويتفاعلون، ويدأبون دأب النِّمال، بهم طاقة مدهشة، تجعلهم لا يكلون و لا يملّون.
ونعرف آخرين «محطوطين Silent».
وكي تظل ذا همة وعزم وبأس، لا ينضب، إبقَ حريصا على أن لا تصيب الكهولةُ عقلَك.
ثمة بين ظهرانينا، شبابٌ كهول، وكهولٌ شباب، والفرقُ ساطعٌ وجلي بين النموذجين، فقد تمكن الكهول الشباب من طمس الفارق في الشكل وفي السن، وجعله «ألعوبة» في أيديهم، بفعل وتفعيل الهمة.