الأربعاء، 13-04-2022
02:17 م
ينتمي صاحبنا «تيمورلينك» في الواقع والحقيقة إلى قبيلة البرلاس الأوزبكية، لكنه ادعى بأن والدته من نسل جنكيز خان المغولي، ونجح في تجميع جيش جرار، اغلبه من المغول والتتار، واحتل معظم العالم المعروف في زمنه، وأسس إمبراطورية عملاقة من سوريا والعراق وآسيا الصغرى إلى الصين مرورا بالهند.
كان صاحبنا تيمور لص اغنام في صغره، وقد سرق غنمة ذات يوم، فضربه الراعي بسهم أصاب قدمه، وصار يعرج، وتكوّن اسمه، فيما بعد، من (تيمور) وتعني بالأوزبكية «الحديد»، و»لينك» وتعني الأعرج. بالمناسبة هذا الإسم يطلقه الأعداء عليه .
يعني ذلك، أن تيمور لينك عمل على القاعدة العربية العامية (ثلثين الولد لخاله)، وتعني أن الفتى يتأثر بأخواله أكثر مما يتأثر بأعمامه، فأسس سلالة تيمورية استمرت تحكم مناطق شاسعة من العالم حتى عام 1506.
حكم تيمور لينك العالم بالقتل والذبح من عام 1370 حتى عام 1405 حيث توفي من البرد ومضاعفاته، وهو يوغل في احتلال السهوب الصينية، لكنه قبل أن يموت كان قد فتح الطريق لبناء عالم جديد بتحالفات جديدة وامبراطوريات جديدة، كان أولها فتح طريق التجارة إلى الصين.
حين انتصر تيمور لينك على العثمانيين ونجح في أسر سلطانهم بايزيد الأول، الذي مات كمدا خلال الأسر، خفف من ضغط العثمانيين على القسطنطينية، ومنحها عمرا جديدا حتى جاء محمد الفاتح بعد خمسين عاما تقريبا، ليحقق حلم العثمانيين الأول.
وحين انتصر تيمور لينك على القبيلة الذهبية-من أخواله التتار-التي كانت تحتل آسيا الصغرى وأجزاء من أوروبا، أدى ذلك إلى تخفيف الضغط على روسيا، مما ساعد في صعود نجم روسيا القيصرية وتحولها إلى إمبراطورية فيما بعد.
بكل بساطة، فإن قاعدة عربية أخرى لعبت دورها في تحريك العالم بعد تيمور لينك، وهي قاعدة: (مصائب قوم عند قوم فوائد)..ينتصر على هؤلاء ليمنح الفرصة إلى اعدائهم لالتقاط الأنفاس وتكوين الإمبراطوريات.
لو حاولت هنا تطبيق قاعدة (مصائب قوم عند قوم فوائد) على مجريات الأحداث الحالية في العالم العربي، لوجدنا أن كل ما جرى ويجري وسوف يجري يصب في مصلحة أمريكا التي تنمو وتزدهر اقتصاديا وسياسيا وعسكريا على مصائبنا وخيباتنا، تقابلها إمبراطورية روسية تستعيد شبابها، وتتمدد على حساب خيباتنا أيضا.
المشكلة هنا أنه لو مات أي رئيس أمريكي أو روسي، فهذا لا يعني انتهاء إمبراطوريته أو تفككها، كل ما في الأمر أن رئيسا جديدا سوف يقود القوم، بدون سلالة تيمورية ولا حيمورية ... يعني أن لا مناص لنا.
هذا هو الثمن الذي يدفعه الطيبون لقاء لا مبالاتهم في الشؤون العامة، وهو أن يحكمهم الأشرار.